نجيب بلحيمر ـ جمعة الولادة الثانية للجزائر
بواسطة 2019-07-06 23:34:58

نجيب بلحيمر
ميلاد آخر للثورة السلمية التي أثبتت اليوم تجذرها في وعي الجزائريين كحركة تاريخية لا يمكن تجاوزها بصفقات سياسية تعقد في غفلة من الشعب، ولا يمكن وقفها بالتخويف أو بالدعاية والتضليل.
كل شيء كان جميلا في الجزائر اليوم، الملايين كانوا هم بهجة المدن، وبالأعلام الوطنية وصور الشهداء والأهازيج كانت الثورة تعلن عن نفسها وتذكر بمطالبها من يريدون إخمادها بالمراوغة والتهديد، وتخبر المراهنين على الوقت بخسرانهم المبين، تفصيل بسيط كان يشين الصورة المبهرة، هو تلك الشاحنات الزرقاء البائسة التي تم رصفها في شوارع العاصمة من أجل التضييق على السائرين في ميادين الحرية وشوارع الكرامة وهم يستردون فرحة الاستقلال الممزوجة بعناد الثورة من أولئك اللصوص الذين صادروا الاستقلال وحولوا الاحتفال به إلى كرنفالات بائسة تعكس رداءتهم وجهلهم.
في الجمعة العشرين سقطت الدعاية والإعلام المأجور، وسقط المبهتون، وتأكدنا مرة أخرى أن الحقيقة تمشي عارية في الشوارع والساحات، أما الذين اختاروا طريق الكذب والتزوير فمآلهم النسيان بعد أن تذهب سمومهم مع تلك الحسابات الوهمية التي أغرق بها فيسبوك من أجل وقف حركة التاريخ، لكن عبثا.
لقد شاءت الأقدار أن تكون الجمعة العشرون مقترنة بذكرى الاستقلال، وشاء النظام المستبد أن يقضي أحد رموز الثورة المجاهد لخضر بورقعة هذا اليوم المشهود في تاريخ الجزائر محبوسا في زنزانته، لكن الشعب أراد، وإرادته من إرادة الله، أن يجعل هذا اليوم مناسبة لتكريم لخضر بورقعة ورفعه إلى مقام علي يكاد يغبطه عليه الشهداء، فباسمه لهجت الألسن، وبحريته صاح الملايين عبر أنحاء الجزائر، وعلى الصدور حملت صورته جنبا إلى جنب مع صور الشهداء الأبرار، وهكذا كان التكريم والعرفان، وما نال من أرادوا تشويهه وإذلاله إلا الخزي وهم اليوم يكتشفون أن آلة الدعاية التي تنفق المليارات معطلة، وأن كل ما يدفع من أجل تضليل الجزائريين سيعود حسرة على من أنفقوه بعد أن يتأكد خسرانهم.
بعد هذا وذاك شاءت الحسابات السياسية أن تتوسط الجمعة العظيمة خطاب بن صالح وندوة السبت، وقد نسفت الأول ورسمت حدود الحركة للثانية، فمن لم يجد قراءة الشارع اليوم سيجد نفسه على هامش حركة التاريخ غدا، ومن تخلف عن لحظة الميلاد الجديد للجزائر فكأنه لم يكن.
شوهد المقال 492 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك