نجيب بلحيمر ـ عبث الانتخابات الجزائرية
بواسطة 2019-04-12 01:22:46

نجيب بلحمير
باسم الدستور تم تنصيب عبد القادر بن صالح المرفوض شعبيا رئيسا للدولة، وباسم الدستور سيتم التشبث بحكومة مرفوضة شعبيا، وأكثر من هذا سيوكل إلى بن صالح والحكومة تنظيم الانتخابات والإشراف عليها، وحتى الوعود التي تضمنتها رسالة ترشيح بوتفليقة يوم 03 مارس الماضي، والتي رفضها الشعب بوضوح، صارت في غير المتناول.
نحن الآن أمام عملية التحضير لانتخابات بنفس الطريقة التي جرت بها كل الانتخابات السابقة التي أوصلت البلاد إلى الوضع الحالي، أي أن الانتخابات ستجري في تجاهل تام لما حدث خلال الشهرين الماضيين من مسيرات حاشدة طالب فيها الشعب بتغيير جذري كما اعترف بذلك الخطاب الرسمي، وعندما يقيم الجزائري الذي شارك في المظاهرات طيلة الشهرين الماضيين الوضع فإنه سيكتشف أن كل ما تحقق هو استقالة بوتفليقة الذي قضى عشرين سنة في الحكم ست منها كان فيها مريضا وغير قادر على الحركة والكلام.
الانتخابات الآن ليست حلا، وهذا أمر يعرفه الجميع لأنه يقوم على قراءة موضوعية للواقع، ففترة ثلاثة شهور لن تكون كافية حتى تنظم الأغلبية التي نزلت إلى الشوارع نفسها وتتهيكل ضمن أطر سياسية تحمل رؤيتها وآمالها، و هذا يعني بكل بساطة أن الانتخابات القادمة ستكرس ميزان القوى القائم حاليا والذي ثار الجزائريون من أجل تغييره، وهم يبدون مزيدا من الإصرار على إحداث تغيير حقيقي يعيد بناء علاقة الدولة بالمجتمع، ويحرر المبادرة ويعيد السيادة كاملة للشعب باعتباره مصدر كل سلطة وشرعية.
ما يجري في الجزائر ليست احتجاجات عابرة، فهذه المظاهرات التي لا تتوقف والتي لا تستثني أي قطاع من علامات الثورة على الوضع القائم بكل تفاصيله، والانتخابات التي تنوي السلطة تنظيمها هي من بين التفاصيل التي كسرت الثقة بين الشعب ونظام الحكم، وهي التي عزلت النظام عن المجتمع وجعلته فاقدا للسند الشعبي، وجعلت كل المؤسسات التي تسمى دستورية، والتي يفترض أنها تضمن استمرارية الدولة، مطعونا في شرعيتها كما هو حال البرلمان بغرفتيه والمجلس الدستوري، لأن هيمنة السلطة على الدولة أنتجت هذه التشوهات وأفرغت المؤسسات من المعنى.
سنعود في كل مرة إلى التذكير بخطورة الرهان على الوقت، لأن عمق الأزمة التي أخرجت الملايين إلى الشارع سيجعل كل الحلول التقنية السطحية مضيعة للوقت، وسيؤدي إلى إغلاق ما بقي من قنوات الحوار التي تشكل جسورا لبناء حل حقيقي يحفظ للدولة الجزائرية استمراريتها.
شوهد المقال 493 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك