جمال الدين طالب - نوستــAlgeria في الجزائرفقط.."الثروة اللغوية" نقمة!
بواسطة 2015-08-15 22:24:00

جمال الدين طالب
يا خسارة .. Quel dommage.. ¡Qué lástima! ..what a pity! .. باللغات الأربع، التي يمكنني على الأقل "فك الحرف" بها بدرجات متفاوتة ، وهي العربية و الفرنسية و الإسبانية و الانكليزية، وللأسفالمفروض، كذلك ، بلغة الأجداد الأولى أي الأمازيغية، أعبّرُعن أسفي على الجدل "الجزائري" ( الأكثر تعبيرا من البيزنطي"!) حول اللغة، والذي أخذ بعدًا " تخلاطيا" بمحاولة " غَبرَطَة معلنة" ( تغبرطت و تجلطت و طلع خزها فوق ماها جاو رياس بغير مرتبة هم أسباب خلاها! ) بطرح هذه الفكرة "العَامِيَة و المعمية" لاستعمال العَامِّية في تدريس اللغة العربية!.
هذا الجدل، نعم فيه تخندق إيديولوجي ومحاولة فرض إرادة "فرانكوُشِيَة"، لكن فيه أولاً وأخيرًا طابعًا إلهائيًا من سلطة "متعودة دائما" على تحويل الأنظار عن القضايا المصيرية بإلقاء مثل هذه المفرقعات.
شعور الخسارة حول "المسألة اللغوية" في الجزائر ليس جديدا عندي ، لقد تجدد مع هذه قضية الدارجة هذه.
أنا أعتقد، بل أحاجج أن للجزائر المفروض "ثروة لغوية"، هي نعمة و ليست نقمة ، لكن للأسف مثلها مثل نعمة النفط مثلا تحولت إلى نقمة!.
أنا أحاجج بمنطق براغماتي في زمن العولمة أن الجزائر كانت من المفروض أن تكون "هَبْ" hub أو محور عالمي للغات، والجزائري من المفروض أنه "يُبْلبِلُ" بالتعبير الدارج عندنا في نواحي قسنطينة ( من البُلبل و تغريده!) باللغات بدءًا من الأمازيغية، إلى العربية، إلى "غنيمة الحرب" الفرنسية، إلى لغات المحيط الإقليمي كالإيطالية ، والإسبانية ، الأليفتين في بعض مناطق الجزائر في الشرق و الغرب ، حيث يمكن استقبال البث الإذاعي خاصة بسهولة، إلى اللغة العالمية الآن "الإنكليزية"، وإلى "الصينية"لغة القوة الاقتصادية العالمية الكبيرة. وكان يمكن هنا الاستعانة هنا حتى بالحضور اللافت للصينيين ضمن الشركات الصينية العاملة في الجزائر، و الذين يجتهد بعضهم في تعلم لغة الجزائريين، فيما يكتفى الجزائريون في الغالب، للأسف الشديدبـ"التحذلق"،واستفزاز الصينيين بعبارات مثل "علي بابا"!.
قد أبالغ لو قلت أن الجزائري ، قد يكون الوحيد ربما في هذا العالم، الذي له قابلية نطق كل الحروف الممكنة في كل لغات العالم ربما!.. وهنا يمكن المقارنة مع الأشقاء في المشرق أو الخليج العربي مثلا الذين يجدون صعوبة و خلطًا في نطق حرف p الذي يصبح b و العكس صحيح او v الذي يصبح فِ! أو حتى شعوب أوربية أخرى تجد صعوبة في نطق لغة جيرانها و لنأخذ الفرنسيين و الإنكليز او الألمان مثلا : استَمع إلى فرنسي يتحدث الإنكليزية أو العكس، أي إنكليزي يتحدث بالفرنسية فان ذلك يثير عموما الضحك!. ومن أشهر البرامج الكوميدية في تاريخ بريطانيا، في هذا السياق، السلسلة كوميدية " ألو ألو " تدور أحداثها في فرنسا تحت الاحتلال الألماني النازي، و يتحدث فيها شخصيات المسلسل الانجليزية بلكنات فرنسية و ألمانية و إيطالية و حتى لكنات بريطانية! .
يجد الفرنسي عموما تلك الصعوبة في نطق الإنكليزية، بينما لا يجد الجزائري عموما تلك الصعوبات في نطق حروف الانكليزية نطقا صحيحا.. وهنا وجب القول و أتحدث من منطلق تجربة شخصية ان الفرنسية سهلتَ عليَّ تعلم الإنكليزية ، و أن الإنكليزية الراقية هي في الأساس فرنسية!..وهذا ربما " درس" (لمن يريد !) ممن يدعونإلى التخلص هكذا بجرة قلم و رمي الفرنسية في البحر و استبدالها بالإنكليزية!.
الفرنسية غنيمة حرب و " من تعلم لغة قوم امن شرهم" سبب كاف ، في اعتقادي، لتعلم الفرنسية للجزائريين .. خاصة و الفرنسية لغة المستعمر الذي احتل الجزائر 132 سنة !.
أعتقد أنه اذا كانت هناك في الجزائر "مصيبة وحيدي السمع والنظر، الذين موجات ترددهم مضبوطة على مشرق "البعث" العربي، فان هناك مصيبة أخرى في المقابل، مصيبة "وحيدي الأرجلْ" من المفرنسين الفرانكوفيليين، الاقصائيين، الذين لا يمكنهم التحرك بعيدا والاكتفاء بالدوران حول أنفسهم، وذواتهم الاستعلائية المتضخمة!.
لقد كانت لهذا "التناطح" المؤدلج تبعات خطيرة مع سياسة التعريب الارتجالية والمتسرعة، التي انتهجت في الجزائر، منذ السبعينات، والتي للمفارقة " اُسندت" في كثيرٍ من المجالات إلى "فرانكوفونيين" في الأساس لتطبيقها، وإضافة إلى أن " فاقد الشيء لا يعطيه" فإن تطبيق هذه السياسة لم يكن أبدا في مصلحة مطبقيها!. وحتى الذين كانوا " يتاجرون" ويزايدون ( وما زالوا!) بها لم يكونوا كلهم مقتنعين بها.. كانوا يحثونويحمسون "أبناء الشعب" ليكونوا "فئران تجاربهم"، فيما كانوا (وما زالوا!) يرسلون أبناءهم في منح دراسية على نفقة الدولة للدراسة في الخارج!!.
بعيدًا عن فكرة "المؤامرة" هناك حقيقة يجب الإعتراف بها وهي أن سياسة التعريب المتسرعة في الجزائر، و "الرقص" على وزن "ملكيين أكثر من الملك!" في المغالاة في التباهي بالعروبة أكثر من العرب الراسخين في اللغة أنفسهم،أنتجت في الغالب (إلا من رحم ربك) أجيالاً "عقونة" لا تعرف لا الفرنسية ، ولا العربية و تجد حتى صعوبة في التعبير بالدارجة!!.
لتجاوز هذه "العقننة"، تحتاج الجزائر و الجزائريين إلى التصالح مع أنفسهم أولا..واللغة من المفروض في الجزائر "غَلَةٌ"، و ليس لَغوٌ و "غلٌ" و "غُلُوّ" !
*كاتب وصحافي جزائري مقيم في لندن
jamaledinetaleb@yahoo.com
جريدة الحياة الجزائرية
شوهد المقال 1366 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك