جمال الدين طالب - نوستــAlgeria الجزائر..خط "غرينيتش"وخط الرمل!
بواسطة 2015-08-07 22:52:27

جمال الدين طالب
أكتب هذه الأسطر بكثير من "النوستألجيريا"، و "الغضب ألجيريا" و "الأسف ألجيريا"... و كل تلك المشاعر المتلاطمة من النوستالجيا ( الحنين) و الأسف و الغضب عما عليه الجزائر و المفروض أن تكون عليه!.
ليس هناك مكان يفجر فيّ هذه المشاعر في لندن مثل موقع "غرينيتش" ، حيث يمر خط غرينيتش الافتراضي لحساب الوقت..الموقع ، الذي يقع فيه المرصد الملكي الفلكي البريطاني المشهور عالميا، وهو محج سياحي يأتيه السياح من كل أنحاء الأرض، و يدر الملايين للحكومة البريطانية. قد يقول قائل و مادخل هذا بالجزائر و أسفك و ألمك على الوضع فيها؟!. الجواب ببساطة للذي لا يعرف أن الجزائر هي البلد الوحيد في المنطقة المغاربية والعربية، الذي يمر به خط "غرينيتش" المرجعي في التوقيت العالمي، و بالضبط في بلدية "ستيديا" قرب مستغانم. ومصدر الأسف و الألم أنه لو كانت الجزائر تُحكم بمنطق المرصد العلمي البريطاني، الذي وضع "خط غرينيتش" ، وليس بمنطق "خط الرمل" الاعتباطي و العشوائي، لكان موقع خط "غرينيتش" في الجزائر مركزًا علميا بحثيا مثلا ومركز جذب سياحي عالمي يدر الملايين و يفيد البلاد و العباد ، خاصة و المنطقة بولاية مستغانم بها كذلك مواقع وشواطي متوسطية خلابة لا تبعد إلا بنحو 150 كلم عن الساحل الإسباني، أي بإمكان السائح ، لو كان كان هناك الرأي السديد، أن يزور "خط غرينيتش" في الجزائر صباحًا أو حتى ظهرًا و يتناول غذاءه ،و ربما يستمتع بقيلولة حتى هناك، و يبقى لديه متسع من الوقت لأخذ الطائرة من مستغانم أو مدينة وهران القريبة ، التي لا تبعد الا بنحو 70 كيلومترا، و يحضر داربي ريال مدريد و برشلونة سواء في ملعب "نوكامب" ببرشلونة أو في ملعب "برنابيو" بمدريد!.
ويقع خط "غرينتش" على بعد 15 كيلومترا من مقر ولاية مستغانم ، بالضبط ببلدة "ستيديا"، وهناك لافتة " باهتة بائسة" مضحكة مبكية في المنطقة تشير الى ذلك!. ولهذه البلدة قصة مثيرة، حيث يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1846 من قبل مهاجرين ألمان أرادوا الهجرة إلى أميركا الجنوبية، بما يشبه الـ"حراقة" في عصرنا (!)، لكن ربان السفينة تخلى عنهم في ميناء دانكارك بفرنسا، فبقوا عالقين هناك، فاقترحت عليهم السلطات الاستعمارية الفرنسية الهجرة إلى منطقة"ستيديا" في إطار سياستها الاستعمارية التي فتحت الأبواب لقدوم المعمرين الأوروبيين إلى الجزائر، لتثبيت أقدام الاستعمار الفرنسي فيها، و إحكام السيطرة على الجزائر بزيادة أعداد المستعمرين. وقدقبل المهاجرون الألمان دعوة السلطات الاستعمارية الفرنسية، وأقاموا في المنطقة، وأسسوا بلدة صغير سموها "ستيديا" نسبة إلى منبع ماء في المنطقة اسمه "ستيديا"، واستمر وجودهم هناك حتى 1948، حيث تركوا المنطقة.
و اللافت أن الألمانية بقيت هي اللغة السائدة في تلك البلدة خلال فترة إقامة المهاجرين الألمان، على الرغم من أن الفرنسية كانت هي اللغة الرسمية للإدارة الاستعمارية الفرنسية.
وخط "غرينيتش" أو مدار "غرينيتش"هو خط افتراضي لحساب التوقيت سُمي بذلك لأنه يمر في مدينة غرينيتش فيلندن، ودول أخرى الى جانب الجزائر مثل فرنسا و مالي و غانا.ويقسم خط غرينتش الكرة الأرضية إلى قسمين شرقي وغربي ، وهنالك 360 خط طول 180 خط شرقي خط غرينيتش و 180 خط غربي خط غرينيتش.
وتقع مدينة"غرينيتش" في جنوب شرق لندن، و غير بعيد عنها بـ" لويشام " نجد نهجاً يحمل اسم الجزائر العاصمة ( Algiers Road). وبحسب البيانات المتوفرة عن أسماء الشوارع في المنطقة ، والتي تعود الى العهد الفيكتوري (نسبة للملكة فيكتوريا) فالنهج كان يحمل اسم الجزائر العاصمةبتاريخ 1890. وقد يكون الاسم مرتبط بالتاريخ البحري بين الجزائر و بريطانيا، الذي رغم أنه غلب عليه الصدام و القرصنة إلا أن ذلك لم يمنع البريطانيين من إطلاق اسم "الجزائر العاصمة" على أربع شوارع في بريطانيا!. و ليس هناك مكان في بريطانيا يروي التاريخ البحري بين الجزائر و بريطانيا مثل المتحف الوطني البريطاني للبحرية، الذي يعتبر من أكبر المتاحف البحرية في العالم، والذي تتوفر فيه حتى معروضات مرتبطة بتاريخ البحرية الجزائرية نفسها. و هذا المتحف لا يقع إلا على مرمى حجر أسفل الهضبة، التي يقع فيها المرصد الفلكي و خط "غرينيتش" ، وهما جزء من نفس الإدارة السياحة.
*كاتب وصحافي جزائري مقيم في لندن
jamaledinetaleb@yahoo.com
جريدة الحياة الجزائرية
شوهد المقال 1792 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك