نجيب بلحيمر - عين صالح هي الجزائر
بواسطة 2015-03-03 00:50:18

نجيب بلحيمر
ما شهدته عين صالح من مواجهات بين قوات الأمن والمحتجين ضد استغلال الغاز الصخري إنذار يجب أن نحسن قراءته، ففي لحظة قد يفقد أي طرف السيطرة ليقع في المحظور، وسيكون من الصعب بعدها تحديد المسؤوليات بدقة وأمانة، بل إن تحديد المسؤوليات لن ينفع في شيء.
جربنا أحداثا مماثلة في السابق، وهذه المرة يجب أن ننتبه إلى أن الوضع أكثر تعقيدا، والمطلب الوحيد الذي يرفعه المحتجون إلى حد الآن هو وقف عمليات التنقيب عن الغاز الصخري، غير أن هذا المطلب يخفي في الحقيقة مطالب أخرى تتعلق أساسا بتنمية ولايات الجنوب، وتحسين ظروف معيشة سكانها، وحتى التضامن بين مواطني هذه المناطق يعززه تماثل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في هذه الولايات.
استمرار الاعتصام دون تقديم أي حل مقنع للمحتجين خيار مكلف، فمع مرور الوقت أصبح التراجع غير وارد في حسابات المعتصمين، هناك إجماع على شرعية المطلب، وإقرار بأن التظاهر حق يكفله الدستور، والإصرار على مواصلة الاحتجاج، رغم المواجهات التي حدثت أول أمس الأحد، يعني أن القضية لن تطوى بالمماطلة، وأن السعي إلى تجاوز المطلب بالمراهنة على الوقت سيزيد في تعقيد الوضع ويضاعف احتمالات الانزلاق نحو المواجهة العنيفة.
السلطة مطالبة باستثمار هذه الفرصة لترميم علاقة الثقة مع المواطنين، والطابع السلمي للاعتصام، الذي بدأ قبل شهرين، يجب أن يكون عاملا محفزا على تأكيد إيجابية الحوار، وفعالية النضال السلمي، وسيكون من الخطأ التمادي في تجاهل هذه المطالب، لأن فشل الاحتجاج سيعزز الشعور بعدم جدوى الأسلوب الذي اعتمد، فضلا عن أنه يكرس الشعور بالتهميش لدى سكان هذه المناطق.
إن اندلاع أعمال عنف في مناطق الجنوب ستكون له عواقب وخيمة، والأمر هنا لا يتعلق بالجوانب الأمنية فحسب، بل يمتد ليشمل الوضع الاقتصادي للبلاد باعتبار أن الجنوب هو مصدر رزق الجزائريين، وعلى ثرواته يرتكز الاقتصاد الوطني، وهذا يفرض التفكير في اعتماد أساليب جديدة في تسيير هذه الملفات الحساسة.
الجزائر كلها رهينة الجنوب، والهجوم الإرهابي على تيقنتورين قدم لنا درسا مفيدا على هذا الصعيد، وحلحلة قضية الغاز الصخري، والتعامل بجدية مع مطالب المحتجين، هو إنقاذ للجزائر أولا، وليس مجرد تعاطف مع مطالب أبناء عين صالح وبقية المناطق المجاورة.
جريدة صوت الأحرار الجزائرية
شوهد المقال 1296 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك