العياشي عنصر ـ الموضوعية والذاتية
بواسطة 2020-08-26 00:56:01

د. العياشي عنصر
الموضوعية في مقابل الذاتية وحيادية العلوم الاجتماعية، موضوع سجالي وجدل لا ينتهي؛ لكل فريق قرائن ودلائل وحجج على الحكمة في موقفه. على العموم، يقسم هذا الجدل الباحثين في العلوم الاحتماعية الى فريقين؛ فريق يدعي الصفاء والنقاء العلمي والحياد الأخلاقي، وفريق يجاهر بمشاعره وميوله ودوافعه التي تشكل جزءً لا يتجزأ من اهتماماته البحثية وانشغالاته الفكرية، بل يتجاوز ذلك ليربط تلك الاهتمامات والانشغالات المعرفية بقضايا راهنة في الحياة اليومية ويأخذ موقف من ذلك متاثرا بميوله ومشاعره ودوافعه الكامنة التي غالبا ما تعكس واقعا وبيئة ترك اثارهما في الباحث وتجسد انتماءً اجتماعيا لجماعة، ولا يجد الباحث حرجا في الاعلان عليها والدفاع عنها!
انا اعتبر نفسي واحدا من هذا الفريق وادافع بقوة عن اهمية الذاتية في العلوم الاجتماعية لسبب بسيط هو انها تسعى إلى فهم، وليس فقط تفسير الواقع، والفهم يقتضي وجوبا شيئا من الذاتية، هذا أولا ، ثم ثانيا ان دور العلوم الاجتماعية، كما قال ماركس عن الفلسفة لا تقتصر مهمتها على فهم العالم ، بل العمل على تغييره!
ساختم بثلاث ملاحظات سريعة ومهمة في هذا المجال؛
اولا، ينبغي التنبيه الى ان الذاتية لديها شروط وعليها ضوابط وليست مطلقة او دون قيود.
ثانيا ، هناك اختلاف بين معنى الذاتية كما تعرض لها المنشور والذاتية التي تتحدث عنها كثير من المعلقين. فالانحياز للرأي او الموقف دون ضوابط يخل بنتائج البحث العلمي بالتأكيد.
ثالثا؛ لا بد من الاعتراف بان الموضوع معقد وشائك وبحاجة لمساحة اوسع لعرضه ومناقشته. اقترح على القرّاء الرجوع الى اعمال مهمة في هذا المجال منها على سبيل المثال لا الحصر اعمال فيبر حول منهجية العلوم الاجتماعية وعمله ايضا " العالم والسياسي"le savant et le politique. واعمال بورديو ( انظ عاى سبيل المثال الشريط الذي نسًرته على صفحتي حول "العلوم الاجتماعية والديمقراطية" ، واعمال باحثين اخرين مثل كارل بوبر مثلا ( موقف معارض الذاتية) . كما او الاشارة الى انتي قدمت شخصيا مساهمات متواضعة في هذا النقاش في عدد من اعمالي اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الفصل الاول من كتابي "علم الظواهر الاحتماعية" بعنوان "علم الاجتماع الايديًولوجيا والموضوعية" حيث تناولت هذه الاشكالية بكثير من التفضيل .
شوهد المقال 348 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك