عبد الجليل بن سليم ـ ديمقراطية tirage au sort و فن احيدوس
بواسطة 2020-07-20 06:45:28

د. عبد الجليل بن سليم
منذ فترة ليست بعيدبعيدة بدأ مجموعة من النشطاء يتكلمون على أسلوب القرعة .tirage au sort من أجل إختيار ممثلين لهدا الشعب سواء من أجل إختيار أعضاء المجلس التأسيسي أو أي مجلس من مجالس مؤسسات الدولة ، في هدا الكتاب،
Against Elections: The Case for Democracy (هدا الكتاب نشر سنة 2018 المهم جاني قبل مدة ) للعالم البلجيكي David Van Reybrouck المختص في التاريخ الثقافي و الانثروبولوجيا يحاول أن يوضح لنا فشل وسيلة الإنتخاب في الديقمراطية التمثيلية .
يقترح Van Reybrouck في كتابه حلا قديما؛ وهو الاختيار بالقرعة، أي اختيار المسؤولين من الشعب من خلال نظام القرعة.
شهدت نهاية الثورة الصناعية في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين المنصرم ضعفا كبيرا في بنية الطبقات الاجتماعية الكبيرة، وبالتالي الفجوات التي سمحت للأحزاب بتمثيل جماعات الطبقات الكبيرة أو الجماعات المهنية؛ أي أن نهاية الشيوعية وانتصار neoliberalism تركت للأحزاب الموجودة إيديولوجية واحدة فقط للاختيار منها، وأصبحت الأحزاب وكالاتٍ ممولة من الدولة يديرها خبراء الإعلام، أو خبراء السياسة، لعدم وجود أساس جماهيري يقدّم موردًا أكبر من القادة؛ لذا فقد تحوّلت إلى "اتحاد" أحزاب و"طبقة" من قادة الأحزاب، يحتقرها الناخبون الغاضبون المزاجيون والمذبذبون المنفصلون عنها انفصالاً كبيرًا. والنتيجة النهائية هي شعبوية (استغلال حقوق الناس العاديين وسلطاتهم من قبل نخبة ذات امتيازات) مقيتة أو غير مسؤولة.
ظل الناس يفهون مبدأ الانتخابات على أنه غير ديمقراطي لفترة طويلة من الزمن من وجهة نظر Van Reybrouck الذي يستعرض دستور Polis المدينة اليونانية القديمة، بشيء من التفصيل، ويقول: إنها مارست الانتخابات في مناصب تتطلب خبرات محددة كالمناصب العسكرية؛ في حين أنّ المناصب القضائية كان يتم اختيارها بالقرعة. وأيد هذا النظام كلّ من و Montesquieu و Rousseau، ولكن تخلى عنه أصحاب الكفاءات البرجوازيون في حقبتي الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية مقابل مبدأ الانتخابات الأكثر أرستقراطية. وتحول النظام إلى انتخاب "رجال يمتلكون الحكمة والبصيرة والفضيلة لتحقيق الخير للمجتمع" . وفي النهاية أصبحت هذه الآلية جزءا لا يتجزأ من نظام أحزاب الجماهير
يعتبرVan Reybrouck التمثيل الانتخابي أمرا أرستقراطيا بحد ذاته، على الأقل بالنسبة للمناصب التي لا تتطلب معرفة خاصة. .تزدهر الديمقراطية من خلال السماح بسماع أصوات متنوعة" (ص: 152-153). يريد Van Reybrouck أن يتعامل مع مشكلة الفجوة بين النخبة والناخبين من خلال هدم هذه الفجوة كليا.
إن مقترحات Van Reybrouck، على الرغم من كونها مبتكرة وجديدة، تعالج جانبا واحدا فقط وهو عزلة المصوتين أو الناخبين عن الأحزاب والسياسيين. وهذا ليس أمرا بسيطا، ولكنه أيضا ليس مشكلة قائمة بذاتها. قد يبدو السياسيون أشبه بمديري حسابات العلاقات العامة لدى neoliberalism لسبب بسيط: هو أن ليبرالية السوق المفتوحة كانت هي الإيديولوجية الوحيدة المتاحة لحوالي ربع قرن مضى لأن رأس المال قد تحرر من الحدود الوطنية ووصل إلى العالمية. تتخطى هذه الضغوطات العالمية الحدود الوطنية، وكذلك تفعل الإيديولوجيات التي تبررها؛ وببساطة يفشل تغيير أسلوب اختيار الدول لمسؤوليها في معالجة المشكلة الأكبر. بإمكان حراك الشعب أن يختارممثليه من خلال سحب قرعة ؛ وسيتوجب على ممثلي الحراك أن يتعاملوا مع المشاكل إلاقتصادية و السياسية و الإجتماعية . نموذج Van Reybrouck يعتمد على الخبراء والمسؤولين للمساعدة في نصح المواطنين الذين يتم اختيارهم بالقرعة، ولا يوجد ما يشير إلى أن هؤلاء المستشارين سيكونون أكثر تنوعا، من الناحية الإيديولوجية، من التكنوقراط الحاليين الذين يوظفهم النظام منذ سنين
على أي حال، فإن اختيار المحافظ أو الحاكم بالقرعة أو ممثل الحراك لا يعني أوتوماتيكيا أن الجمهور سيعتبر ذلك المحافظ ممثلاً لهم؛ فقد يعطي الاختيار بالقرعة مجموعة من صناع السياسة تمثيلاً أكثر، ولكنه في الواقع لا يمكّن المواطنين العاديين إلا إذا تم اختيارهم. لم تكن هذه مشكلة في أثينا، التي تعد نموذج Van Reybrouck المفضّل، لأن كل مواطن فيها كان جزءا من التشريع، ولم يكن هناك أكثر من ألف منصب تنفيذي وتشريعي يتم اختيارها بالقرعة؛ فكل مواطن كان بطريقة ما ممكّنًا. إنّ هذا النوع من المشاركة الجماهيرية غير ممكن في دولة حديثة؛ لذا ففي الغالب قد يترك معظم المواطنين تعليقات على موقع المجلس، أو يصوتون في استفتاءات موسمية.
وأخيرًا فإن نموذج الكتاب لنظام "الديموقراطية المبني على الحظ/الصدفة" معقد جدًا، على الرغم من أنه يتمتع بفكر عميق؛ فهو لا يشمل أكثر من ستة أنواع من المجالس هي: مجلس لوضع جدول الأعمال العام، و"جلسات المصلحة العامة" لاقتراح موضوعات تشريعية محددة، وجلسة مراجعة لتحضير مشروعات القوانين المفصلة و"هيئة السياسة" للتصويت على هذه المشروعات (ولا تتحاور فيها)، ومجلس إشرافي لمعالجة الشكاوي والمراجعة القضائية، ومجلس القوانين لوضع القوانين للأجهزة الأخرى.
ماهو المطلوب منا في هذه الحالة: أولا علينا أن نفكر في نوع أخر من الديمقراطية بميكانيزم جديد ، الديمقراطية التي يجب أن نفكر فيها هي ديمقراطية تحترم و تتماشى مع خصائص مجتمعنا و طبيعة بنائه و الابعاد التي تكون مجتعنا و هذه الديقراطية هي الديمقراطية التشاركية، و الميكانيزم الذي يمكن أن يحقق هده الديمقراطية هي التويزة و الدستور الذي يضمن هذه الديمقراطية يجب أن يكون دستور مستدام مربوط بعقد إجتماعي يحمي مكتسب الحراك و يضبط النشاط السياسي أثناء الحراك و بعد الحراك في هذه الحالة فقط سوف نبني قاعدة سلبت لكتابة مشاريع سياسية تعبر عن إرادة الشعب و حراكه.

شوهد المقال 271 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك