العربي فرحاتي ـ في إثارة الأصل الأمازيغي ..العرق لم يعد اهتماما بحثيا
بواسطة 2020-05-17 03:39:42

د. العربي فرحاتي
قراءتي المفضلة للتاريخ ..إن سمح المؤرخ!!
لست مختصا في البحث التاريخي ولا في نقد التاريخ ..ذلك أتركه لأهل الاختصاص.ولكني أميل دائما إلى قراءة الوجه المشرق منه باعتباره قوة وطاقة تساعدني على الانجاز لما هو أفضل لحياتي..سواء أكان تاريخ لغوي أو عرقي أو ثورات أم حروب
..وأطرح الوجه المظلم منه في الذاكرة المنسية، باعتباره قوة تعطيل وعطالة وفتن وإعادة انتاج لأمراض التاريخ يعيقني..ذلك بناء على معايير فلسفة التاريخ من حيث هي بحث عن قوانين "التغير" التي تحكم تطور الشعوب في مكان وزمان معين نحو التردي أو التقدم..وليس التاريخ مجرد ترديد لتراكم الاحداث والاقول. فالتاريخ كما يقال "مشروع للإنجاز دائم"...وفعل الانسان وموقفه من الطبيعة والناس - فردا أو جماعة إيجابا وسلبا - هو التاريخ المنجز
..فكما تكون مقدمات الفعل - كتاريخ - ايجابية تكون النتائج ايجابية والعكس صحيح ..وبالتالي فسؤال التاريخ هو سؤال البحث عن ما هو ايجابي اكثر وهو حق لكل جيل .. وبهذا لا أهتم بأحداثه المنفصلة التفصيلية التي يهتم بها وينقب فيها المختص بغرض التصحيح والنقد والتأكد وبحث الأدلة ..الخ.بقدر ما أنا أقرأ مسار التاريخ كخط تقدمي عام لأن فطرة الإنسان الذكائية انتقائية بطبيعته لما هو أفضل مهما تعثر التاريخ في السلبيات .. والتاريخ يهتم بالفعل أكثر ولو عند الانسان الإول ..ولا يكترث كثيرا بالأصل كعرق..ولذلك أرى أن الخوض في أصول الأعراق أو اللغات لاثبات الوجود في هذه المنطقة أو نفيه..أو للاعتزاز به والافتخار والقول "انا خير منه الشيطانية"..أو الاحتقار والاقصاء
والإدانة المسبقة للعرق.. هو خوض بغرض تحريك التاريخ فينا سلبيا . وخوض عبثي لأنه لا طائل من ورائه..إذ أن العلوم الحديثة لم يعد يهمها البحث عن أصل العرق لأنه يبقى متعذرا.. بقدر ما يهمها الفعل كإنجاز للتاريخ ..وهو اي البحث عن اصل العرق عبثي.. سيما إذا اعتمدنا نوع أدلة الاثبات من مثل" ذكر هيروديت كذا..وكذا وأكد المؤرخ فلان.. وجاء عند فلان.. وأرجع الباحث فلان ..الخ . كما يخوض الناس في أصل الأمازيغ هذه الأيام معتمدين على مصادر المستشرقين
..بغرض الفتن. وهو هدف نتن نهينا عنه فكلنا لآدم وآدم من تراب ..في حين أن إثارة الأصل الامازيغي كتذكر لمسار التاريخ كتغير وتطور في الافعال والثقافة والقيم والعادات وملحمة شعب وعلاقات ومعارك تحررية..هو خوض بغرض تحريك التاريخ فينا ايجابيا..وهذا هو معنى " استخلاص العبر من التاريخ". وما يقال عن العرق يقال عن البحث في أصل هذه اللغة أو تلك من حيث التطور في المتن والمكانة...وانطلاق من هذا التأسيس.يمكنني القول بدون تردد..أنه من أيقن من الأمازيغ أو العرب من صحة روايات الانثروبولوجيين المستشرقين في أن الأمازيغ "بربر" ينحدرون من أصول أوربية..وأن العرب غزاة للمنطقة المغاربية فقد سقط في فخ الاستعمار وتحريك للتاريخ السلبي..وصار معول فتنة يعطل الحركة وينتج الأمراض والعقل الممرض ..ومن أيقن من العرب والأمازيغ بعدم صحة روايات المستشرقين وبنى على رفضه لرواياتهم وأنكر وجود الأمازيغ كشعب له مقوماته الثقافية ولغته فقد سقط في فخ الاستعمار وحرك التاريخ باتجاهه السلبي المعطل وصار معول هدم هو الآخر وعقل ممرض . وعليه فالبحث الأيركيولوجي وقد أصبح أقرب إلى العلم الدقيق منه إلى علم التاريخ..بما يتوفر عليه من دقة المناهج والأدوات..من حيث هو بحث في الهوية التاريخية كتجذر للامازيغ في المنطقة كأفعال وتسجيل للتاريخ..وكذا البحث الانثروبولوجي الثقافي الحديث - الذي تخلص من اللوثة الاستعمارية - .لكشف تجربة الأمازيغ الحية في إثراء هويتهم الثقافية وتعدلها عبر الزمن والاحتكاك والتواصل مع الآخر ..بدل الخوض في أصل العرق والتيه في دهاليز القال والقيل ..ثم كشف تجربة إثراء الهويتين (العربية الأمازيغية) لبعضهما البعض في الجزائر وتتبع المناقب الحسنة لهذه الهوية الجديدة لكل من العربي الامازيغي باعتبارها هوية للتضامن والتضحية المتبادلة والتآزر وصناعة التاريخ السياسي والاجتماعي واللغوي .هو التاريخ الذي تريده أن يحيي فينا الحياة كشعب تشكلت هويته كتنوع..
ونريده للانجاز والتقدم نحو مزيد من الإثراء.. ففي إثراء اللغات والتجارب إثراء للأسماء وللمعرفة وانتاج للعلوم .فمن حق الجيل الجزائري أن يعرف " الجزائر الامازيغية " كمرحلة تشكل وتحرر ..وما قدمته في ذلك من تجارب وإتمام لمكارم الاخلاق الانسانية بالتعلم المنظم في المدرسة.. كما من حقه أن يعرف " الجزائر العربية الإسلامية الامازيغية" كنظام وأمة متعددة وتحرر وإتمام بمكارم الأخلاق الانسانية وإضافات.. بالتعلم المنظم..ومن حقه أن تمنح للجيل فرصة لمعرفة ثوابت هويته ومتغيرتها من خلال معرفة التاريخ..وحرمانه من ذلك هو حرمانه من التغذية الايجابية من جذوره ..فلا نهتم بالتاريخ من أجل تثبيت الحق التاريخي للامازيغي والامازيغية في الهيمنة..ولا من أجل الحق العربي والعربية الديني للهيمنة..بل نهتم به لاقتناص اللحظات التاريخية للتقدم والرقي نحو صيغ الحياة الأكثر حرية والأكثر تواصل والأكثر تفاعل والاكثر أخلقة وتضامن ..فعلم الانساب قديما في شكله التقليدي إنما هو من أجل التضامن والتماسك والتعاون وإحياء المناقب الحسنة للاثنيات في الاخلاق والسياسة والاجتماع والتضامن والوحدة والتآخي والتضحية..لا لتفضيل عرق على آخر ..ولا لغة على لغة كما أرادته سياسات الاستبداد والاستعمار قديما ..وسياسات الديكتاتورية الريعية وسقطت في بركه الآسنة مرضى وضحايا عقد التاريخ حديثا..تلك هي قراءتي للناريخ باعتباره تحرر في اللغة والفعل والتنمية ونبذ لكل هيمنة عرفية أو لغوية .. اللهم لا تجعلنا من مرضى عقد التاريخ الآسن..وألهمنا ادراك التاىخ كاتمام مستمر لمكارم الاخلاق ..اللهم إرفع عنا الوباء.
شوهد المقال 285 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك