فوزي سعد الله ـ عن لِسان الأندلس في مدينة دَلَّسْ...

فوزي سعد الله




وعلى كلٍّ، بعد ملاحظاته وتحليله للسان الدَّلسِي الحضري المُحتك مع الناطقين بالأمازيغية الذين يشكلون أقلية في المدينة، يخلص الأمين سواق إلى أن "التأثير الأندلسي قد يكون بدأ خلال هذه الحقبة: في العام 1102م، حيث اقتطع المنصور أرض دلَس لأمير ألمرية السابق معز الدولة بن صمادح".
ويضيف قائلا إن "لهجة دَلَّسْ بشكل عام من النوع "المُتَمَدِّن" (sedentary) تميِّزها قَرابةٌ مُعتبَرة مع اللهجة القديمة لمدينة الجزائر، إذ تُحوِّل حرف القاف (ق) إلى كاف (ك)، وفي السابق حرف التاء (ت) إلى تْسَاء (تْسَ)..." . وهي لهجة تختلف عن لهجات القرى الصغيرة التابعة لمنطقة بني ثور المُحاذية للمدينة والتي تتحدث بلسان أقرب إلى النطق البدوي حيث يَتَحَوَّلُ في كلامها حَرْفُ القاف (ق) إلى حَرْفِ الجِيم المنطوق على طريقة أهل مصر أو مدينة فاس المغربية يضيف الباحث الجزائري.
تجدر الإشَارة إلى أن نُطق حرف القاف (ق) كافًا (ك) والتاء (ت) تساءً (تس) هو من خصائص النطق على الطريقة، أو الطُّرُق، الأندلسية، بما فيها الطريقة الغرناطية، وهي موجودة في مختلف الجهات في الجزائر والمغرب التي استوطنها أهل الأندلس وأحفادهم الموريسكيون قبل قرون من جيجل وبجاية وقسنطينة ومدينة الجزائر وشرشال إلى تلمسان وندرومة والغزوات والجْبالة وشفشاون في المغرب...
وبالإضافة إلى كل ذلك، يشترك اللسان الحضري في مدينة دلس مع غيره من الألسنة السائدة في المدن المغاربية سابقة الذِّكْر التي عمَّرها الإيبيريون المسلمون في الميل إلى ظاهرة تصغير الأسماء على غرار استخدام اسم "الرّْمِيلَة" بالنسبة لـ: "الرَّملة"، و"مْوَيَّسْ" بالنسبة لـ: "مُوسْ" (المُوسى/السِّكِّين)، و"كْلَيَّبْ" (كلب) و"قْطَيَّطْ" (قط) و"شْوَيَّخْ" (شيخ) و"بْنِيتَة" (بنت) و"مْسِيمَرْ" (مسمار) و"عْوِينَة" (عين) و"صْنِيدَقْ" (صندوق) و"شْوِيبَّة" (شابة) و"حْوِينْتَة" (حانوت)، وأيضا "مْخِيتَرْ" بالنسبة لـ: "مُخْتارْ" والذي قد يكون تقليدا قديما لم يندثر من المشهد اللساني في دلس في حين اختفى ولا وجود له في مدينة الجزائر أو قسنطينة أو جيجل أوعنابة أو ندرومة أو شرشال...".
فوزي سعد الله: الشتات الأندلسي في الجزائر والعالم؟ دار قرطبة. الجزائر 2016م.
شوهد المقال 714 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك