د. كريمة عنان
انا صديقا لهذا الكاتب . بهذة الكلمات قد يفاجئك انسان تلتقي به في احدي الندوات الثقافية ، او جلسة علي مقهي في احدي العواصم الاوروبية ، والكاتب المقصود هنا ، هو الروائي المصري خالد الهواري المنفي الي السويد منذ اكثر من عشرين سنة، والذي يحدثك عن صداقته ، هو مجرد قارء من المتابعين لصفحته علي موقع التواصل الاجتماعي ، وليست الصداقة بينهما بمعناها المعروف ، وقد يفتح امامك جهاز الحاسوب ويخرج لك رسالة وصلته من الكاتب للتهنئة بمناسبة اجتماعية او دينية، ولكن مجرد هذا الارتباط يكفي للشعور بالسعادة .
الحقيقة التي تحتاج دائما الي التفكير والبحث لفك اسبار اغوارها ،هي الشخصية المثيرة للجدل للروائي خالد الهواري الذي نال نصيبا من القهر والاضطهاد في بلده الاول ، وخرج في اخر الليل يحمل حقيبة صغيرة حرصت امه علي ان تدس داخلها كسرة خبز وقطعة من الجبن الابيض ليتناول طعام الفطور في الطريق، وعشرون جنيها مصريا كانت هي اجرة العربة التي ستحمله من مدينته السويس الي القاهرة ،ومنها الي اول طريق المنفي ، هذه الشخصية التي خرجت من دفئ العائلة والانتماء للوطن مكسوره ومهزومه، استطاع ان يقف باقدام ثابتة في طرقات ودروب الفكر والفلسفة في المجتمع السويدي، اكثر المجتمعات الاوروبية ثقافة والقدرة علي التفريق بين المبدع الحقيقي والمبدع الوهمي الذي تصنعه البروباجندة السلطوية، ورغم كل هذا الوجع الذي يطارده ويجبره علي التنقل بين عنابر المستشفيات، وقضاء الوقت بين نظرات الاطباء ورائحة الادوية ، فهو دائما بسيطا ومتواضعا، ويشعر من يتحدث معه وكانه انسان متميز.
بالجزء الثالث المعنون بالحكايات ، الصادر في شهر يناير الماضي بالسويد ،اكتملت ثلاثية الروائي العالمي خالد الهواري ، التي استغرقت اكثر من خمسة سنوات في صناعة فسيفساء ادبية مبهرة ، ,وصفها بانها رحلة داخل معطفه الشتوي ، لمطاردة وملاحقة حالة انسانية بسيطة مثل تساقطت قطرات الندي الصبوح علي اوراق شجرة نبتت بين فتحات سور بيت قديم هجرته الاغاني ، حالة من حالات هبوب الريح بعد الصمت ، كان قد اختصرها بمقولة سابقة في احد حواراته مع جريدة سويدية، بحكاية انسان عادي في زمن غير عادي ، واضاف وهو يبتسم ليقهر مسحة الحزن التي تبدوا ظاهرة في عينيه ، انا اكتب لاصنع حالة من الصخب تساعدني ان اتغلب علي الصمت الذي يحيط بكل الاشياء من حولي، عندما احاول ان استعيد حضوري وعودتي من الغياب عن ذاكرتي.
في صفحة ادب وكتب، في مقال بعنوان بين الاروقة، كتبت جريدة الاهرام المصرية ، الجريدة التي لم تفتح صفحتها الادبية طول تاريحها لغير الكبار من المفكرين والادباء المصريين ، بتاريخ 5 فبراير الماضي تحت عنوان العزلة والحنين للماضي " صدرت في السويد الاسبوع الماضي رواية العزلة للكاتب خالد الهواري المصري المهاجر الي السويد قبل 21 سنة، يطرق الكاتب ابواب الماضي ويبحث عن رائحة البيت القديم ، يقتفي اثر الجارة العجوزة التي كانت تقرأ الطالع، يعود ويهبط علي السلالم الخشبية مثلما كان يفعل في الزمن الاول ، فيتردد صداها من جديد في بهو البيت، يخرج في الفجر يترقب وصول العربة القديمة التي كانت توزع الجرائد ، وهو يستمع الي اوجاع وهموم عمال التراحيل الماتفين من حول ام نعمة بائهة الفول النابت " ثم تلقفت الكثير من الجرائد العربية الصادرة في العواصم الاوروبية والاقطار العربية المختلفة في البحث عن مايتاح من الرواية لعرضها علي القراء في احتفالية ثقافية تليق بالكاتب الذي يعتبر ظاهرة ادبية استثناءية في زمن تراجعت فيه الثقافة العربية، واصبحت الكتابة وسيلة لتحقيق المكاسب الشخصية علي حساب القيم الثقافية
والان هل يحق لي ان اقول ؟ انا ايضا صديقة لهذا الكاتب
التعليقات (93 تعليقات سابقة):
وصف اسطور للعزلة من كاتب فرضت عليه الحياة تجربة خاصة فيها معاناة وحنين وابداع
والحقيقة انه كاتب متميز استطيع اعرف اعماله بدون ان يكون عليها توقيع باسمه
هذه الامة العربية الظالمة تحتاج ان تتحرر من الظالمين
لقد احسنت القول .. الاستاذ خالد الهواري كاتب له بصمة في عالم الادب في العالم
عمل روائي يدخل ضمن الاعمال الانسانية العالمية ولو لم يكن علي هذا المستوي ماكانت جريدة بحجم جريدة الاهرام المصرية قد قدمته للقراء
ابداع
ارض اجدادى
يمكن يفتكر اللى غايب ان له فى بلاده احباب
أضف تعليقك