صحيفة الوطن الجزائري : حميد بوحبيب ـ قصتي مع اللغة العربية .في هذا اليوم العالمي للغة العربية ، أود أن أحكي شذرات من عشقي لهذه اللغة الرشيقة حميد بوحبيب ـ قصتي مع اللغة العربية .في هذا اليوم العالمي للغة العربية ، أود أن أحكي شذرات من عشقي لهذه اللغة الرشيقة ================================================================================ حميد بوحبيب on 04:54 19.12.2018 د. حميد بوحبيب قصتي مع اللغة العربية: في هذا اليوم العالمي للغة العربية ، أود أن أحكي شذرات من عشقي لهذه اللغة الرشيقة: أنا من قرية تدعى آث عپذ الله وعلي ...قرية في أعالي الجبال في بلاد القبائل ...أهلها منذ الأربعينيات ، تعاونوا فشيدوا مدرسة أطلقوا عليها اسم " مدرسة الحياة" ، وجلبوا إليها مدرسين مقربين من جمعية العلماء ( المبنى موجود إلى يومنا )...منذ تلك الفترة واللغة العربية تسكن مخيال أهل قريتي ...عشقوها واتخذوها أداة لتحصيل العلم ، وكسب الرزق ... ولم تمنعهم العربية من الانخراط المبكر في الثورة ...ولم تجلب لهم العربية فكرا ظلاميا ...كما لم تمنعهم من حب اللغات الأخرى ...نشأت في عائلة قبايلية ، أبي - يطول في عمره- عصامي ، تعلم القراءة والكتابة بهذه اللغة ، ومازال إلى اليوم يقرأ كل ما يقع بين يديه من كتب ، روايات ودراسات ...كنت في طفولتي أقرأ ما كان يجلبه إلى البيت من كتب من عند أصدقائه : ألف ليلةوليلة، بعض مؤلفات المنفلوطي، وكتب متنوعة ومجلات ...كان والدي مشتركا في مجلة الصين المصورة ...أجل تلك المجلة الدعائية التي تروج لأفكار ماو تسي تونغ والثورة الثقافية ...وكانت تصل الاعداد متأخرة ، ولكنها كانت تصل ...كان والدي يكتب الأشعار القبائلية بالحرف العربي منذ الخمسينيات...و على الرغم من أنه لم يسع يوما الى تعليمي عشق العربية بشكل مباشر ، فقد انتقل ذاك العشق الغامض مثلما تنتقل عدوى دافئة ، لتصيبني بحمى القراءة والضمأ الى مزيد من النصوص ...فكان الشعر وكانت الرواية ...في المتوسطة ، كنت متفوقا جدا في العربية ، وبدأت أكتب ...نصوصي الأولى نثرا وشعرا تعود إلى تلك الفترة ...وشجعني على إدمان الحرف العربي ، أستاذ العربية ( المرحوم مزيدي السعيد )...أدركت من تلك الأيام أن قدري مربوط بهذه اللغة ...اتقنت الفرنسية والإنجليزية ...ولكني لم أشعر بحمى العشق معهما ...العربية التي عشقتها لم تحمل لي معها فيروس الدين و الكتب الصفراء الموبوءة بفيروس الظلامية والتشدد ...بل على العكس من ذلك ، فتحت لي نوافذ وردية لأطل على الإنسانية مبكرا ...فرافقتني أشباح جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وطه حسين ...وأنا في المتوسطة ...ثم جاءت معها عقول جبارة ...بالعربية قرأت حسين مروة ومهدي عامل ...بالعربية قبل الفرنسية قرأت البيان الشيوعي ، وبعضا من مقالات ماركس وإنجلز وأنا في المرحلة الثانوية ...ثم جاءت البقية ...سفر في عوالم الشعر الجاهلي والعباسي ...خاصة أشعار المهمشين المناوئين .لم تكن العربية بالنسبة إلي لغة القرآن ولا الحديث...بقدر ما كانت لغة الفكر الإنساني المتفتح ...وعشقتها ليس لأنها لغة السماء ولا لأنها لغة المقدس ...بل لأنها لغة نابضة بالحياة والجمال ..ومازلت الى اليوم أراها كذلك ...العربية لم تدخل الضيم على أمازيغيتي ، بل تلاحمت معها لتنتج في عقلي فكرا مقاوما جريئا حيا ...