خميس قلم ـ ملحة العيون
بواسطة 2018-05-17 02:37:47

خميس قلم
للعين و للعينان و للعيون حضور شاخص في تاريخ الشعر العربي من قبل ما ينسب لعنترة:
عيون العذارى من خلال البراقع أحد من البيض الرقاق القواطع
( سمعت هذا البيت أول مرة من عابر تجمل و اصطحبني مع جاري في سيارته مسافرين إلى مسقط، وروى البيت إثر علمه باهتماتنا الشعرية، حفظته وكنا حينها في الثانوية )
وحتى ما بعد بدر شاكر و أمل دنقل ونزار وخميس قلم و العينان شاخصتان في الشعر:
" عيناك غابتا نخيل" بدر
" عيناك لحظتا شروق" دنقل
" عيناك وتبغي و كحولي " نزار
" عيناك غافتان " خميس قلم
بقي الشخوص العيني إذن في تاريخ الشعر العربي حاضرا على اختلاف الرؤى بين القديم والحديث..
سأسرد مما أحفظ الأبيات الشعرية المتصلة بالعين بوصفها لغة للتواصل و أداة للتأثير النفسي ( و عزائي لكل ضرير ) مستأنسا بها ومعلقا عليها. فإن كان قال الظاهري في طوق الحمامة إن العين نافذة الروح فهي أيضا سهام تصيب القلب كما يزعم أبو الطيب:
راميات بأسهم ريشها الهدب تشك القلوب قبل الجلود
إن وصف النظرات بالاختراق والتأثير الداخلي مما ألفته العرب في شعرهم قبل المتنبي وبعده، ألم يقل الشاعر:
ويلاه إن نظرت و إن هي أعرضت
وقع السهام ونزعهن أليم'
ومشهور أكثر بيت جرير:
إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
وإذ يكثر تصوير عيون النساء بأدوات الحرب كالسيوف و الرماح و السهام، بما تسببه من أثر على النفوس والأجسام حتى تبيتها في سهاد وسقام فهي مع ذلك لغة للتواصل بين المحبين
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناك
وغير شوقي كثيرون أتقنوا وصف لغة العيون؛ فقد غنى ناظم الغزالي لحنا من مجزوء الدوبيت وهو بحر غيرعربي:
لا يمكنه الكلام لكن
قد حمل طرفه رسائل
رسائل تقولها العين و على المرسولة له أن يفطن إليها حتى لا يوقع ذات العيون الفصيحة في حرج:
إذا جئت فامنح طرف عينيك غيرنا
لكي يحسبوا أن الهوى حيث تنظر
هذه المراوغة البصرية تجسد قدرة العين على الكناية والبلاغة في اللغة المرئية.
لتكن هذه الملحة فاصلة تعلمنا الصمت، ندرب أعيننا على الكلام الخفي، نقول للحياة الصاخبة رسائل حبنا لها أو نطعن بها هذا العالم المحبوب..
شوهد المقال 259 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك