سامية بن عكوش - الجسد المنبوذ في بلداننا

سامية بن عكوش
مشكلة المجتمعات العربية الإسلامية أنّ معالجة المشاكل الاجتماعية تتمّ بطريقة خاطئة، بطريقة إجحافية، لصالح طرف على حساب طرف آخر. ولأنّ المجتمعات العربية الإسلامية مبنية على ثنائيات تراتبية، " رجل/امرأة" "طفل/ شاب " " شاب/ شيخ" " نفس/جسد" فالإجحاف يبدأ من الانتصار للطرف الأوّل من الثنائية على حساب الطرف الثاني، مثلا للروح أو النّفس على حساب الجسد. أقدّم مثالا: الطلاق حقّ لكلا الزوجين. في حالة وجود الأولاد فغالبا ما تسند الرعاية للأمّ، وغالبا ما يحكم على المرأة بنهاية صلاحيتها كجسد، بمعنى لا يحقّ لها الزواج مرة أخرى. هل هذا حل سليم؟ هذا حل ينتصر للمواعظ التي تنتشر في مجتمعاتنا عن تضحية الأمّ لصالح الأبناء. ماذا ينتج؟ أم بأعصاب مشدودة وقلق مستمر. هل هناك حل آخر؟ نعم هناك حلول أخرى بتطوير طرق الضمان الاجتماعي في بلداننا، حيث تستطيع هيئات الضمان الاجتماعيّ مساعدة الأمهات في تربية أولادهنّ، دون أن يكون ذلك على حساب حقهنّ المشروع في إعادة الزواج. لماذا يفرض المجتمع الإسلاميّ على المرأة مثل هذه القيود؟ لأنّ الثقافة المنتشرة في هذه الأوساط هي أهمية الروح مقارنة بالجسد. تلغي الثقافة الإسلامية حقّ الجسد تماما. ويعتقد أئمتنا أن مجرد موعظة حسنة تكفي لاستقامة النّفس وتحوّلها إلى ملائكية. هل فلحت هذه المواعظ في واقع الحال؟ اقرأوا الدراسات والإحصائيات لتعرفوا حالة الشباب ودرجة انحرافه في المجتمعات العربية. مشكلة الدّين الإسلاميّ كما يسوّقه الفقهاء أنّه ينتصر للموت على الحياة، للروح على حساب الجسد، للمواعظ على حساب الحلول العملية. ما النتيجة؟ مجتمعات محبطة، تائهة، لا هي بلغت الملائكية التي يدعو إليها الفقهاء ولا تمرّست فنّ الحياة كما يتطلبها الجسد.
شوهد المقال 1105 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك