أحمد سعداوي - لأصحاب الصفنة الطويلة
بواسطة 2015-06-15 01:03:20

أحمد سعداوي
أخذت وقتاً طويلاً وأنا أؤمن بفكرة محمد اركون، عن حاجة العرب والمسلمين الى 400 سنة [وهي الفترة الزمنية الحضارية التي تفصلنا عن الغرب برأي أركون] حتى ينتهي الصراع بين الاسلام والعقلانية الى انتصار الحداثة، وأن المسلمين خلال ذلك سيمرون بآلام كبيرة ويقدمون شهداء وتضحيات، كما قدّم الغرب، كي يقطفوا ثمرة نضالهم العقلاني ويكونوا مستحقين له عن جدارة.
ولكن، تبدو الآن وكأنها رؤية تجريدية أكثر من اللازم. الغرب نفسه لا يبدو أنه يريد مساعدة العرب والمسلمين في معركتهم، أو لا يبدو مكترثاً جداً.
ثانياً؛ العوامل المادية، الاقتصادية والعلمية والتقنية، التي رافقت حركة الحداثة الغربية، تغيرت الان تماماً، المعطيات اختلفت. العولمة عمّمت العقلانية بسرعة هائلة، ولكنها وفرت أيضاً عوامل تسريع لكل الظلاميات الفكرية والثقافية. سرعة الاتصال والتنقل جعلت دورق الاختبار واسعاً جداً، ولا ينفع أن يحتوي المسلمين والعرب فقط. صار الدورق يشمل الكرة الارضية كلها، وصارت معادلة الحداثة والعقلانية العربية الاسلامية جزءاً صغيراً من معادلة كونية لا نعرف ابعادها ومعطياتها، ولا نعرف أي نتائج مطلوبة منها.
لقد أنجز الغرب تجربته التاريخية الحداثية من دون تدخل او ضغوط من أجزاء العالم الأخرى، التي كانت في واقع الامر خاضعة له ومستسلمة. فمن أين يملك العرب والمسلمون هذه الاستقلالية الآن؟
كيف نخرج من الصف والدور الذي ننام ونصحو عليه في دوامة الخطط الكونية، لنرسم خططنا الخاصة؟
لقد تم اكلنا وابتلاعنا والسلام، وإن رغبت أن تكون حداثياً أو ظلامياً، اسلامياً متنوراً او متشدداً، فهذا لن يغيّر شيئاً من وظيفتك داخل الشركة الهائلة التي نعمل فيها من دون أن ندري، شركة السوق العولمية ما بعد الحداثية.
.
شوهد المقال 1178 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك