حمزة حداد - درس سعاد ماسي .. الرقص قد طاب لي .. !! لما تتراقص كلمات الأصمعي على نغمات الفلامينكو والجاز

حمزة حداد
وتُتْلى بصوت سعاد ماسي المثقف الساحر .. ولمستها الفنية البارعة المتلاعبة بالإيقاعات الموسيقية بطريقة شيقة ماتعة تمنع الرتابة .. متآلفة بين قطعة "فلامينكوا" على "رعشة" ايقاع "مشرقي".. وفتحة نوطة "جاز" على "قفلة" رتم جزائري .
فلابد أن تعود "الروح" للعربية وموشحاتها و حتى معلقاتها .. ولابد للعربية أن "تولول" وتخرج مزيد من أسرارها وسحرها.
وتوبخ الذين يتبرمون من هذه اللغة الجميلة ويتهمونها و حتى الذين يتكلمون بها ويدافعون عنها بكثير "جغجغة" و قليل "طحين" . نعم نجاح هذه التجربة الفنية الجميلة لسعاد و تقبلها بقبول واسع من قبل الجماهير العريضة في الجزائر وخارج الجزائر...
يخبر المهتميين وصناع الفن بوضوح :
- أن هناك استرسال ممنهج وراء ضعف نصوص الأغاني ومواضيعها . بل وابتذال كلماتها في كثير من الأحيان لكن مثل هذه الأعمال لسعاد ماسي وغيرها على قلتها، تكشف و تكذب فرية الكسالى والتجار من الفنانيين وشركات الانتاج التي تقول أن الجماهير هي من تشجع هذا الابتذال وتصر على طلب أغاني "شخبط شخابيطو" و " بوس الواوة" و" أعطيني صاكي خليني " .. و" الأي أي و الواي واي" ...
كما تجيب بوضوح أنه ليست هناك لغة فقيرة وأخرى غنية .. ليست هناك لغة فن ووو... وأخرى ساقطة لاتصلح الا للعفن .. نعم مثل هذه التجربة تقول وتردد بصوت عالي .. اللغة أبدا ليست ميته ولا حية .. فقط "المادة الرمادية" للمبدعين هي من تصنع الحياة .. للكلمات .. تصنع ألقها وشحنتها المعرفية والثقافية .. أيا كانت لغة هذه الكلمات .
نعم فقط عليك أن تبدي كم أنت مستعد أن تمنح للغة (فمثلا سعاد ماسي اعطتها في هذه التجربة عامين ونصف وهي تحضر البومها) من وقتك كم تعطيها من اهتمامك كم توفر لها من إمكانيات .. ولا تبخل عليها بالعطاء .. فتجزل لك هي بجود منها .. العطاء .
فكرة ألبوم المتكلمون ..تقول عنها سعاد ماسي أنها شاركت ذات حفل بإسبانيا ..فكان من بين المشاركين فرقة إسبانية تغني الموشحات الاندلسية .. فغنت معهم وشاركتهم رشف هذا النوع الموسيقي الجميل .. الذي أغرها بجزالة شعره و قوة كلماته وأرسلها بنهم لمكتبة الشعر العربية فانبهرت بما وجدت وقررت خوض التجربة والمجازفة.
سعاد ماسي الجزائرية المقيمة في فرنسا التي يبدو أنه طاب لها الرقص على قوافي مجموعة من أمهات قصائد الشعر العربي بعد أن أحتكت بالجمهور العربي ورأت كمية تفاعله مع أغانيها قررت أن تقدم نفسها بهذه الطريقة الجديدة له . كما أنها باشرت في استكشاف وجمع مجموعة من نصوص الشعر الأمازيغي كي تقدمها في البومها القادم .. والأكيد أن سعاد بعد 5 ألبومات من النجاح و النجومية .. لن تخذل جمهورها الأمازيغي أيضا وستقدم مايليق بذائقة هذا الجمهور وتراثه الأمازيغي الجميل .
نعم بالتاكيد أن مثل هذا التوجه نحو العمق العربي أو الأصل الامازيغي لايخلو من حسابات تجارية مادية .. فدراسة جدوى بسيطة من شركة انتاج الألبوم تصل الى نتيجة حتمية أن جمهور 350مليون عربي أو جمهور 40 مليون جزائري أو 100مليون مغاربي ..مغرية ومربحة .. فالفن اليوم ليس جمعية خيرية أو مجرد هواية جميلة .. بل أضحى صناعة ثقيلة بأتم معنى الكلمة لها تكاليفها و ضريبتها .. لكن فن يساهم في رفع الذائقة الفنية ويشارك في بناء وجدان جمعي راقي واعي بالتأكيد أحسن بكثير من فطريات "فنية" اكتسحت الساحة الفنية، فسممت الذوق العام وزيفت الوعي الجمعي .
شوهد المقال 1653 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك