حكيمة صبايحي - سلطة الثقافة بين سلطة المثقف و مثقف السلطة العامل الاجتماعي قزما " أنا مثقف السلطة/ وصفة الاستوزار في الجزائر "

حكيمة صبايحي
كان يُفترض أن يكون عاملا اجتماعيا منشغلا بالهم الاجتماعي/ الجماعي، في بعده الوطني و الإنساني. و لظروف قد لا تكون صالحة كعذر، أصبح العامل الاجتماعي قزما، أشد خطورة على المجتمع من العوامل الأخرى، التي كان يفترض أنها عالة على المجتمع، مثل المدمنين على المخدرات، و مثل المنحرفين عن الطبيعة الإنسانية العجزى عن التأقلم مع قوانين المجتمع، و مثل الذين يحملون السلاح ضد الأهل معتقدين أنهم يملكون الحقيقة المطلقة في تقويم الحياة، و يجرمون في حق الحياة بدعوى الدفاع عنها، و الأمثلة كثيرة. دخل الفعل الثقافي بفضل هذا التوجه الجديد في تقييم الثقافة، باعتبارها واجهة للتفاخر و التباهي و المزايدات المختلفة الأنواع،على الآخرين، في دائرة معقدة من التبادل المنفعي بين الأفراد، الذين تشكلوا حسب المصالح في شبكات، تعمل بصورة جماعية، يلخصها قول محمد بن جبار، في معرض تشريحه لطبيعة العلاقة بين المثقفين الجزائريين خلال حكم الرئيس الحالي لأربع عهدات متتالية: " كُلْ و وْكَلْ و اضْرَبْ النًحْ"، و الجميع بخير ما دام الجميع يستفيد. إنها ثقافة السوق العالمي: "عولمة الفراغ". و في هكذا سوق لا تحتكم إلا لأخلاق الربح المادي مهما كانت الوسيلة و الثمن، كلما جاء المختلفُ، تمت إزاحته بتتفيهه، كأنه هو الخللُ و ما أدراك.
يسكنون المدن و يلبسون أردية العصر، يقتانون الآلات الذكية: كاميرا، حاسوب، سيارة، لكنهم سجناء الفكر القبلي، حيث الجميع يريد أن يكون "زعيما" بالآلات و الرفاهية المادية، لا بالعمل. يجتهد كثيرا ليصنع صورة متميزة اجتماعيا، فيقال في الدشرة أو الدوار: فلان أصبح كذا، أستاذ بلا معرفة، يريد سلطة من اسم لا يحمله "أستاذ". سحقا للجشع كيف حول الأكثرية إلى سماسرة درجة أولى، باعتبار القناع الذي يرتدون بالاسم. ليس الأستاذ من تبنى هذه السهولة القاحلة لتحقيق انتصارا على الفقر المادي، حد الفقر الإنساني المدقع و ما أدراك. الأستاذ عينة فقط، كل الشرائح سواء.
لو حدث الأمر في مكان آخر غير الجزائر، لقلتُ: إنه نكتة عربية بامتياز. لكن الحدث جزائري بامتياز. عين رسميا مثقف صرح بتلك العبارة قبل مدة مزهوا بها، يوم الخميس 14 ماي 2015 وزيرا للثقافة، بعد إقالة وزيرة الثقافة السابقة التي قدمت استقالتها لرئيس الحكومة، الذي استكبر الأمر، فغير بعض الوزراء ـ حسب تسريبات مخابراتية ـ المهم أصبح مثقف السلطة وزيرا للثقافة في الجزائر بمرسوم رئاسي من رئيس لم يره الشعب الجزائري يخاطبه مباشرة منذ 2012 و ما أدراك.
سأحشد كل الأعذار التي تجعل الجميع منخرط في مسرحية "اللامبالاة" فالوقت أكبر من "الإرادة" مرات، خاصة و بالمقابل، هناك عرض سياسي مغري العبث، يعرض أموالا طائلة لشراء الذمم، و ربما الثمن مغري جدا لبيع الذمم، لكن لأحشد الأعذار و أصادق عليها، أجيبوني على سؤال واحد: كيف انتصر الشهداء على أقوى الأمم عدة و عتادا؟ و بالنسبة إلي الشهداء هم نخبة الأمم في كل وقت ـ المجد لأرواحهم الخالدة.
بجاية/ الجمعة 5 جوان 2015
يتبع ../..
شوهد المقال 1702 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك