سلام صادق - قراءة في المجموعة الشعرية جلجلة الرماد
بواسطة 2015-03-20 01:27:08

سلام صادق
في شتاءات عديدة ماضية كنت استرق السمع لاحسان السماوي في غرف المحادثة الصوتية العراقية ، كان مشاكساً لذيذاً ،صارماً واضحاً وقاطعا مثل حد السيف ، متذمراً وأليفاً في ذات الوقت .
استمعت اليه في مرات عدّة يخوض في السياسة وفي قضايا اجتماعية اخرى ، فكان خجولا هيّاباً عند طرح وجهات نظره .
وفي مرة وحيدة استمعت فيها اليه يقرأ شعرا ، فلم اتمالك نفسي وكتبت له رسالة خاصة مستفهما فيها عن اسم الشاعر فأجابني بانها قصيدته ،
فادخلني دوامة من الاسئلة أطرحها على نفسي ، لماذا هذا الانسان الهاديء الخجول يصبح هادرا كالتيار عندما يقرأ شعرا ،لكنني كنت امام كل سؤال ارضي فضولي المعرفي بجواب مقتضب : بانها لغة الشعر التي يجب ان تاتي مترعة بالصهيل .
وبعد سنوات عدّة من الانقطاع عن بعضنا ، عثرنا على بعضنا في الفيسبوك وبمحض الصدفة . وكانت مفاجأة احسان الاولى لي حين اتحفني بمجموعته الشعرية ( رماد الجلجلة ) التي وصلتني عن طريق البريد الاسبوع الماضي وسررت بها كثيرا ..
قصائد المجموعة تختلف باختلاف طرائق بناءها الفني ، لكن ماينتظمها جميعا هو وحدة المضمون ، فاغلبها يدور حول الاغتراب وممارساته القامعة ، حيث يتفاعل الشاعر مع هذا الواقع ويتصدى للصراع معهُ كحقيقة اجتماعية ، منطلقا من اصالة معاناته الخاصة للبحث عما هو قاسم مشترك بينه وبين الآخر المتلقي .
وقد نجدهُ احيانا منشغلا او متجاوبا مع مشاغل المرحلة ويعبر بذلك عنها بشكل اقرب الى الهم الشخصي ، لكنه سرعان مايلبسه منظورا جماعيا يتعلق بطموحات الانسان العراقي المكبوتة او بدائلها التي يتاملها او تلك التي أُجهضت ولم تعد تشغل بال الشاعر والانسان على حد سواء .
لا يضع الشاعر احسان السماوي فارقا بينه وبين الواقع الحياتي الذي يعيشهُ فالقصيدة لديه حالة وجدانية وثقافية متأصلة منبعها الصوت المكموم الذي ينزف وجعا وصراخا داخلياً .
اما لغة الشاعر فهي لغة شفّافة ، لكنك تحسها وكانها تتوارى خلف الكلام لتخفي صراخ الشاعر وربما حتى شتائمه لكل هذا الذي يجري من خسارات متلاحقة ..

صَه ياقلبي
فليس كل ماهو بحر يستعام بهِ
وليست تمتمات النذور هي ارضك .
ساعة البداية ظلمة
يقشعر لها الزمن الرثّ
وضوء يأخذ ابصارنا
تغمره صيحة
تعمر للاصيل خيباته
والآتي ضباب يشوبه الرحيل
ماعادت الحدائق تدجّن احلامي بمعاول المساء
كافتتان القبلات
يقف المطر شاهرا رماحهُ
كانه المرايا التي تنظر
وانت تنشدين الينابيع في الاعالي
تهدرين دمي المغسول بالامنيات
وتدحرجين نوافذ يومي
المكللة باتساق الرهبة
لامنحك غناء عثراتي
في طريقك
لالبسك جذوة الغياب
افتش في اعوامي الهادرة
عن بحر اطفأ مصابيحهُ
ونام .
عرفت نخلا صامتا
يُذبح في اصص الرياح
وعلى طريق ما
تتهدج باصدائها
شقائق النعمان
الزاهية في الحرب .
السجن
من النافذة تطل الريح
انعكاس الحسرات
وستائر الالم تخفق .
عوسجة
حبك سبى دمي
كقافلة في وحشة المسير
فاحتضنتك كغابة
وامتدحت اسارير الاشجار .
شوهد المقال 1317 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك