قحطان جاسم ..... في ذكرى رحيل المفكر الانساني الدانماركي سورن كيرككورد (1813-1855).
بواسطة 2014-11-11 22:44:11

د.قحطان جاسم
تمر اليوم ذكرى رحيل المفكر الدانماركي سورن كيرككورد، أب الفلسفة الوجودية .
عاش كيرككورد مكرسا حياته كاملة من اجل البحث في معاناة الانسان وآلامه ، التي هي في الاصل آلامه ومعاناته الخاصة. لكن هذا الانسان الذي بحث عنه كيرككورد لم يكن الانسان العادي او السوبرمان ، بل الانسان - الفرد الذي يواجه نفسه يوميا عبر أختيارات متعددة ومتنوعة. كان مسكونا بالخوف والفزع والقلق واليأس والكآبة، أولا من لعنة الموت التي نزلت على العائلة، وهي لعنة عزاها الأب الى الخطيئة التي ارتكبها في صباه عندما كان راعيا. آنذاك وقف الأب على قمة تلة ورفع قبضته شاتما الله على وضعه المزري. شهد كيرككورد موت خمسة من اخوته اضافة الى امه، مما ولد لديه الشكوك والقلق من الوجود.، الذي صار اكثر عمقا بعد علاقته بريجينا اولسن والآلام التي تسببها حبه لها، بعد ان عقد الخطوبة عليها وفسخها بعد مرور عام واحد لتكريس نفسه كليا للكتابة والبحث في المصير الوجودي للانسان. وقد بقي أمينا لحبه لريجينا حتى آخر لحظة من حياته، التي ختمها بتوريثها كل ما يملك. وإذا كان الاب يمثل التربية الصارمة الدينية، وما حملته من خوف وقلق من الوجود و قضية الايمان والآخرة، فان ريجينا كانت بالنسبه اليه بمثابة التوتر الدنيوي الدائم للانسان وهو يعيش حالة تجاذب الحب والقلق والشك والفراق والشوق مع الأخر . ويمكن اعتبار قصة حبه والخطوبة مع ريجينا، ثم فسخ هذه الخطوبة، واحدة من القصص التي سجلها التاريخ الانساني، باعتبارها اكثر القصص مأساوية والملهمة في آن واحد. وقد عرض كيرككورد كل ذلك ووصفه بدقة في كتبه. وخصوصا في كتابه المهم (أما- أو)، 1843 وايضا في كتبه ( تكرار) 1843، ( الخوف والرعشة) 1843،(مراحل على طريق الحياة ) 1845 و (صنائع الحب ) 1847.
أن حياة ومؤلفات كيرككورد، التي تركزت حول سؤال مهم وجوهري؛ من أنا، أو من هو الانسان؟ هي مصدر الهام انساني وفكري، ولهذا لم يتوقف الباحثون عن الكتابة عنه والإستعارة من مفاهيمه وتطبيقها في شتى المجالات المعرفية. وما احوجنا اليوم في عالمنا الاسلامي والعربي الذي تطغي عليه الحروب والكراهية والتشتت ان نستلهم من كيرككورد فكرتين مهمتين شغلته طوال حياته، واعني بهما؛ مكانة الفرد وحريته،ثم قضية الحب باعتباره أقصى مرحلة يمكن للانسان ان يتوصل اليها لمعرفة نفسه اولا ، ثم علاقته بالله وباخيه الانسان. هذا الحب الذي عرّفه بان يكون عطاء كاملا غير مشروط تجاه الآخر، حيث يتحرر الانسان من كل ما يسلبه حقيقته الانسانية .

شوهد المقال 942 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك