حميد بوحبيب ..... شبح الكبلوتي سيخيم على الساحة إلى الأبد
بواسطة 2014-10-29 00:52:38

د.حميد بوحبيب
رحل عنّا ياسين منذ أكثر من 25 سنة ... [28 أكنوبر 1989] و مازال طيفه الأرجواني يخيّم على الساحة ... مازال صوته الصادح ، الجريئ الأبح يرن في الآذان ، ليقول جهارا نهارا ، ما يخاف غيره أن يفكروا فيه حتى في كوابيسهم ,,,
مازلنا يا رفيق في حاجة إلى آرائك الجريئة عن الدين ، الذي رأيت فيه السمّ الزعاف الذي سيودي بنا إلى الهلاك ...
مازلنا في حاجة إلى مواقفك المميزة ، و إلى من يقول لهؤلاء الحكام السفلة حقيقتهم القذرة دون أن ترتعد فرائصه ...مازلنا في حاجة إلى كتاب يقفون في صف النساء المقهورات ، و في صف الكادحين و المهمشين .... و مازلنا في أمس الحاجة إلى شاعر فذ مثلك لا يناور و لا يراوغ ، و لا ينتظر من سدنة المعبد أن يقلدوه وساما ... و مهما قلت فلن أوفّيك حقك يا رفيقي ، يا معلمي و يا نجمتي القطبية الحمراء ...و للذكرى سأروي للأصدقاء هنا حادثة لها مغزاها .... استسمحك ... سأبدأ :
" في الذكرى الثانية لرحيل الرسام المميز محمد إسياخم ،[ و هو كما يعرف الجميع صديق حميم لكاتب ياسين ]، اجتمع عدد من المثقفين و الصحفيين و الأصدقاء في مكتبة الاجتهاد [ شارع شاراس في العاصمة] ، و كانت يومئذ معقلا من معاقل اليسار و الثقافة الهامشية ، و انتظرنا إلى غاية الثالثة زوالا ، لأنهم قالوا لنا أن كاتب ياسين هو الذي سينشط الندوة ، و فعلا جاء ياسين ... كان يرتدي بذلة متواضعة ... و اخذ مكانه في زاوية من المكتبة ... كنت قريبا جدا منه ... و كنت أتأمل في قسمات وجهه الطفولي ، و أستسلم لنبرات صوته المبحوح و أتخيله و هو يكتب نجمة أو الأجداد يزدادون ضراوة ... عشت تلك الأمسية تحت تأثير مغناطيسي رائع و حالم ... و حكى لنا ياسين قصة صداقته الرائعة مع إسياخم ، و كيف أنها بدأت بخصومة حادة ذات يوم ... ثم راح يعرض علينا آراء إسياخم في الفن و السياسة ... مما أذكره ، قال لنا:" القليل منكم يعلم أن كثيرا من الأوراق النقدية الجزائرية هي من رسم إسياخم ... ثم أضاف ساخرا ... و مع ذلك مات فقيرا ....؟؟
أذكر لكم هذه الأمسية لأنها جرت في نفس اليوم الذي أعلن فيه الرئيس الشاذلي عن حفل تكريم باذخ لصالح الأدباء و الشعراء و الفنانين في جنان الميثاق ... طبعا كان النظام يحلم أن يلبي ياسين الدعوة ، ليستعيد به شيئا من عذريته و مصداقيته المفقودة ... و طبعا أيضا لم يلبّ ياسين الدعوة ، و فضل أن يأتي إلى ندوة في زاوية معتمة ، لم يغطها الصحفيون و لا التلفزيون ... و لم ينال فيها مكافأة مادية ....
أذكر كذلك أن معظم الأدباء و الشعراء الذين يتبجحون اليوم بملء أشداقهم ، سارعوا إلى جنان الميثاق و نال بعضهم أوسمة و جوائز ، فيما اكتفى الآخرون بالظهور في الشاشة ... هذا هو الفرق بين ياسين و الآخرين [ كل الآخرين] ... الفاهم يفهم ...
شوهد المقال 1830 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك