فوزي سعد الله ...... ان يا ما كان، عجائب قصبة الزمان...
بواسطة 2014-10-26 22:43:57

فوزي سعد الله
قبل حوالي مائتي عام، كانت توجد بقصبة الجزائر من الكنوز ومن الطرائف ومن العجائب والغرائب الكبار ما لم يتوفر حتى في جَوْف "ألف ليلة وليلة" ببلاد شهرزاد و شهريار. كان أغلب الجزائريين حينها مازالوا يؤمنون بالغول وبوجود الأرواح الشريرة والعفاريت التي تعتدي من حين لآخر، في أوقات فراغهاً، على مَنْ لا يستهويها من البشر... في المقابل، كانوا في أمسّ الحاجة للاعتقاد أيضا بالقدرات الغيبية للأولياء والصالحين وحتى للنباتات وبعض مظاهر الطبيعة لمواجهة هذا الخوف الدائم من الغيب ومن المجهول...
رُبَّما أصبحت اليوم أطلال القصور والبنايات البالية وأحجارها، المبعثرة بين سيدي رمضان وسيدي هْلال أو بين قهوة العريش وشارع "ميدي"، خرساء لا تنبس بشيء عن ذلك. إلا أن بعض أغوار الذاكرة الشعبية لا زالت تحتفظ بنكهة تلك الأجواء التي تمتزج فيها الحقيقة بالخيال والخرافة بالإيمان، ويتعايش فيها الذكاء مع السذاجة بشكل منسجم الجمال ومثير للاذهان.
كنـوز القصبـة
كان الكثير من أطفال أوربا قبل سقوط مدينة الجزائر لا ينامون إلا على أعاجيب حكايات رياس البحر الجزائريين وحفظوا الكثير من الأساطير عن عروج وخير الدين بربروس وعن مراد رايس والعلج علي "الفَرْطَاسْ"، الذي اشتهر عندهم بـ: Occiali، وعَنْ الرايس حَمِّيدُو بن علي..،لأن البحرية الجزائرية كانت في حد ذاتها آنذاك إحدى أكبر "عجائب" ما كان يُسميه المسيحيون "بارْبارْيَا" (Barbarie) أو في أحسن الأحوال "إيالة الجزائر".
غير أن ما أثار خيال ولُعَابَ الملوك الأوربيين وأحاجي العجائز بأوربا وأمريكا حول المواقد في ليالي الشتاء الطويلة والقارسة البرودة هو "خَزْنَة" الداي التي كان مجرد ذكرها يُغْرِق الناس في بحر من الأحلام لا خروج منه. ولم تأت هذه الأحلام من العدم لأن الخزنة ضمت في أغوارها كنوزا خيالية تراكمت عبر القرون من غنائم البحر والهبات والهدايا وأملاك الأثرياء الجزائريين الذين لم يُخلِّفوا لها ورثة... وأصبحت كنزا قلّ أن يوجد نظيره في العالم. بل أسطورة أشهر من حكايات "سَنْدْرِلاَّ" و"جزيرة الكنوز" حتى أن الملك الفرنسي شارل العاشر لم يُنظم حملته الاستعمارية على الجزائر إلا من أجل الاستيلاء عليها بالدرجة الأولى حسب بعض مؤرخي هذه الفترة.
كانت كنوز القصبة مُودَعة في خزنة الباشا بقصر الجنينة بساحة الشهداء الحالية إلى غاية 1817م حيث نقلها الداي علي خوجة سراً إلى "القلعة" التي أصبحت مقر الحُكْم الجديد الذي اشتهر بـ: "دارْ السُّلطانْ"، الواقعة بحي الباب الجديد. وقام بنقلها من القصبة السفلى إلى أعاليها، أي من "الوْطَا"، حسب المصطلحات المتداولة آنذاك، إلى "الجْبَلْ"، ودامت العملية أكثر من 36 يوما حسب الحاج أحمد الشريف الزهار نقيب أشراف مدينة الجزائر الذي عايش أحداث تلك الفترة. نُقَلت هذه الكنوز على ظهور البغال والحمير ليلا بعد إقرار الباشا حظر التجول من غروب الشمس حتى شروقها. أما محتوياتها التي لم يكن مسموحا بالدخول إلى خَزْنَتِها إلا للداي نفسه ومساعده الخزناجي فتراوحت بين المجوهرات والألماس واللؤلؤ والذهب والفضة سواء في شكل تبر أو قطع نقدية أو حُلَي ومصوغات فاخرة ونادرة، بالإضافة إلى الملابس الثمينة المطرزة بالذهب والمرصعة بالجواهر والأسلحة الرفيعة الصنع التي كان سعر بعضها يفوق سعر قصور كاملة. وقد أجمع الباحثون على أن قيمة كنوز القصبة التي سرقها الجنرال دوبورمونت في 5 جويلية 1830م وحَوَّل جزء منها إلى ملك فرنسا تُقدَّر بـ: 200 إلى 800 مليون فرنكا ذهبيا بِقِيَمِ ذلك الزمان أين كان الفرنك الواحد يُشكل ثروة في حد ذاته. هذا هو العجب الأول الذي لم يكن عجبا وإنما حقيقة مُقَيَّدَة في الدفاتر والوثائق والسّجلات.
النفق العجيب و"عيْن الجنون"
ما نَسِيه الناس والمؤرخون أيضا بعد حوالي قرنين من سقوط مدينة الجزائر بيد الاحتلال الفرنسي وانهيار نظام "الإيالة" هو ذلك النفق "العجيب" الذي أثار فضول كل من سمع به. نفقٌ لم يسعف الحظ الملك شهريار في امتلاك مثله، و يمتد من دار السلطان إلى المرسى، بحيث يمر تحت القصبة ويربط مباشرة بين القصر والبحر كممر أمني للطوارئ. وقد استعمله عدد من الحكام للفرار سرا من القصر وركوب البحر هروبا من المؤامرات والانقلابات العسكرية. لكن المسؤولين المعاصرين عن تسيير المدينة أفسدوه منذ سنوات ببناء حظيرة للسيارات في ساحة الشهداء، أي فوقه، بالرغم من الاحتجاجات. في حين كان بالإمكان الاحتفاظ به كتراث تاريخي أواستغلاله سياحيا على الأقل كما هو الشأن مع أنفاق حدائق "وولت ديزني" في أوربا وأمريكا... وهذا أيضا واقع تم تعجيبه.
كما كانت مدينة الجزائر عاصمة الأساطير الممتعة والخرافات الجميلة التي ضاع أغلبها في الوقت الحالي. إذ كان لِسُكَّانها عفاريتهم وأشباحهم وطقوسهم ومعبوداتهم الإضافية رغم إيمانهم العميق بالله وباليوم الآخر الذي لا تشوبه شائبة. ففي حي "لاكونصولاصيون" (La Consolation)، بمحاذاة قبة وضريح سيدي يعقوب بين باب الوادي وبولوغين، وُجدت عَين شعبية اشتهرت ب: "السَّبْع عيون" أو"عين الجنون" وذلك لتضمنها لأعين سبعة تتمثل في: العين الكحلة، العين البيضاء، العين الخضراء، العين الصفراء، العين الحمراء، عين لون الفول وعين "أولاد سَرْغُو" أي المسيحيين في اللهجة الجْنَوْيَّة (Gu’naoui) المتداولة أنذاك بين زنوج مدينة الجزائر حسب البريطاني جون موريل(J.R. Morell) الذي زارها في بداية خمسينات القرن 19م. ويبدو أن عين أولاد سرغو قد خُصِّصَتْ للمسيحيين...
كانت "عين الجنون" أو "السبع عيون"، حسب معتقدات ذلك العهد، مرتعا أو حتى مَقَرًّا للجن الكبير، الشهير جدا حتى اليوم بالبلدان الإفريقية المجاورة لحدودنا الجنوبية، المعروف بـ: "بابا موسى"، أو"سيدنا الباهان"..، "الله يَحْفَظْنَا" ويحفظكم من تجاوزاته على كل حال... يُقال أن أصله من مالي، وإن رُجِّحَ نسبه إلى النيجر، واستقر "بِفَحْصِ" مدينة الجزائر وأصبح محل تقديس العبيد وحتى الأحرار السود الأفارقة المقيمين بالإيالة بصفة خاصة، فكانوا يغتسلون ويشربون من ماء العين تَبَرُّكًا وتزلفا للباهان راجين الفوز بِرِضَاه. فَلِهَذا الغرض كانت تُهدَى له القرابين ويُنحر الدجاج والديوك يوميا قرب العين وتُسلم لوكيلها مختلف الهدايا والترضيات.
لكن في الحقيقة لم تكن هذه الطقوس الخاصة بسيدنا الباهان سوى عادة أتى بها الزنوج "الجْنَوَة" (Les Gu’naoua) من بلاد السودان، أي مالي والنيجر، وانتشرت في مدينة الجزائر حيث كانت تُمارَس في الأصل كل يوم أربعاء وفي النهار فقط، لأن الليل للجنون الذين يأتون للارتواء من دماء الذبائح، أي دماء "النشرة". والويل لمن خالف رغبات الجنون أوهكذا كانوا يقولون.
أما الباهان في لغة هؤلاء "الجْنَوِيِّين" فما هو إلا "إله الماء"، وهذا ما يفسر اقتران هذا الجن "العملاق" بمياه "السبع عيون". ويقول هنري كلاين بأن حوالي مليون دجاجة كانت تذهب ضحية لسيدي الباهان سنويا في مدينة الجزائر، حيث تُذبح وأجنحتها ممدودة فوق "نافخْ" يتصاعد منه بخار "الجَاوِي" بعد أن تُحرك دائريا سبع مرات فوق رأس صاحب القربان ثم فوق صدره ثم على ظهره...
لقد زالت هذه العيون وطقوسها منذ أواخر القرن الماضي من الوجود لأن إدارة الاحتلال هدمتها أثناء أشغال التَوسّع العمراني كما هدمت بطبيعة الحال الضريح الذي يحتضنها، أي ضريح سيدي يعقوب الذي قال عنه دييغو دي هاييدو الأسير الإسباني أنه أندلسي من اللاجئين من محاكم التفتيش المسيحية وأنه "مات مختل العقل" في أواخر حياته، وهذا مانشك فيه لمعرفتنا بكراهيته الشديدة للجزائريين والمسلمين بشكل عام وللأندلسيين، مُسلِمي بلاده، بشكل خاص.
لكن هذه العيون ليست العجب الأخير في المدينة ولا أكثرها غرائبية... فلنترك سيدي يعقوب وفحص باب الوادي في الشمال ولنتوجه إلى جنوب المدينة...
إلى غاية السنوات الأولى من الاستقلال، كانت توجد في مفترق طرق شوارع علي بومنجل و العربي بن المهيدي وباتْريسْ لومومْبا، على يمين المتوجِه نحو شارع ذبيح الشريف، شجرة عادية كغيرها من أشجار الرصيف، لكنها متميزة عن نظيراتها بالاحترام والإجلال الكبيرين اللذين تُكنّهما لها النساء والعجائز بصفة خاصة وحتى بعص الرجال.
شجرة سيدي علي الزواوي
كان جذعها مطليا بالحناء في قاعدته، أما أغصانها فقد امتلأت بقطع صغيرة من القماش بمختلف الألوان مثيرة حيرة السياح والجاهلين بوظيفتها الغيبية في المعتقدات الخرافية الوثنية العاصمية. وكانت النساء لا يكففن عن زيارة هذه الشجرة والطواف بها وتقبيل جذعها مباشرة أو مُلامَستها وتقبيل اليد التي لمستها ثم مدّها نحو الجبين على طريقة الكهنة ورجال الدين المسيحيين، وذلك كل يوم خميس. وقبل الانتهاء من أداء هذه الطقوس، تربط النساء "تَشَلِّيقاً"، قطعة صغيرة من القماش، في أحد الأغصان بعد أن يتلون عليه التعازيم، ويبتهلن للشجرة لكي تفرج كروبهن وتحقق أحلامهن و تُزَوِّج أبناءهن وبناتهن و، لِمَ لا، تكافح بطالة أزواجهن...
تعود قداسة هذه الشجرة، التي اقتلعتها السلطات المحلية كي تقتلع بذلك هذه العادات الخرافية والطقوس الوثنية الأصل، إلى كون هذه البقعة في العهد العثماني وقبل توسيع المدينة وبناء شارع العربي بن مهيدي (Rue d’Isly) فضاءً روحياً احتضن مقبرة إسلامية صغيرة وينبوع ماء طبيعي مجاورين لقبة وضريح ولي صالح اشتهر آنذاك بـ: سيدي علي الزواوي.
وإذا كان الاستعمار قد حرث المقبرة والضريح، فإنه حافظ على الينبوع وأدمجه عمرانيا في إحدى بنايات مدخل شارع العربي بن مهيدي، وهو الآن موجود بداخل محل للآلات الكهرومنزلية، وكان الناس إلى وقت قريب مازالوا ينعمون بشرب مائه العذب على الرصيف، دون أن يُدركوا سره، قبل أن يعصف مشروع إنجاز محطة ميترو هذا الحي بهذه البقعة وطقوسها الغعتيقة...
الزيتونة "مامّا زينب" وشجرة سيدي بوشاشية
قليلة هي الأشجار التي تملك كل القداسة التي تمتعت بها شجرة سيدي علي الزواوي، لكن لا واحدة منها نافست وليّها في استقطاب الحجاج والزوار سوى "يمَّا زينب" أو"مامَّا زينب" وهي عبارة عن شجرة زيتون عجوز متشابكة الأغصان ظلت طيلة حقبة طويلة تتوسط فناء الولي الصالح سيدي مجبر ببوزريعة. كانت "ماما زينب " محل طواف الناس الذين يزورون الضريح وكانت قاعدة جذعها حتى وقت قريب مساحة لحرق الجاوي ونشر البخور في الفناء، كما نذرت أغصانها العتيقة لِقِطَعِ القماش الصغيرة التي كانت تُربط على فروعها كما كان يحدث مع شجرة سيدي علي الزواوي. أما النساء العاقرات فقد فضلن زيارة شجرة سيدي بوشاشية الضخمة المطلية ب: "الجيـرْ"، الواقعة عند مدخل ثانوية المقراني بابن عكنون. ويُحكى أنها لا تُخيِّب من يطلب بركتها في مجال الخصوبة وأنها كثيرا ما ملأت البيوت الكئيبة بالبهجة المتدفقة من كتائب كاملة من الأطفال المدويِّين. حدث ذلك قبل ظهور تقنيات إنجاب أطفال الأنابيب والاستنساخ.. وبتكاليف بسيطة...
وتخصصت أشجار أخرى في معالجة عددا من الأمراض تتراوح بين السعال الديكي والحمى وغيرها، على غرار نظيراتها في المدن والقرى الداخلية من البلاد والتي لعبت دور العيادات والمستوصفات إلى غاية الستينيات الماضية. مثل "لالـَّة بَطْمَـة"، وهي شجرة تنتشر في المناطق الصحراوية وتكثر في الأغواط، و لا ندري أي ريح أتت بها إلى الشمال..، "لالَّـة زَعْرورَة"، نخلة سيدي بوجمعة المعروف بـ: مولى النخلة، وهي مختصة في مختلف أنواع السّعال، وكذلك "زَبُّوجَة" سيدي بهلول بـ: عْزَازْقَة... أما نخلة سيدي عبد الرحمن الثعالبي الشهيرة التي كانت مَعْلَماً بارزا من معالم مدينة الجزائر إلى غاية نهايات القرن 19م، وبمثابة برج "إيفل" أخضر، فلم يسعفها الحظ في تبوأ مثل هذه المسؤوليات الخطيرة التي أصبح يعاقب عليها القانون ويحتكرها للأطباء المرخص لهم مزاولتها في الوقت الحالي..، ربما لأن سيدي عبد الرحمن لم يترك لها المجال لتفعل ما فعلته الأخريات بما فيها نخلة سيدي الأخضر بن خلوف بمستغانم. لذلك طورت وظائفها لتصبح عند سي قدّور بن مراد التركي، المدعو: الرودوسي، "لوغو" لمطبعته الشهيرة بـ: "مطبعة رودوسي" التي تأسست في مطلع ستينيات القرن 19م بمدينة الجزائر.
عوينــة سيــدي مَجْبَــرْ
الذين كانوا مازالوا يؤمنون بوجود الغول والعفاريت لم تَكْفِهم الاستعانة بالله فقط وبالأولياء الصالحين والأشجار بل قدَّموا شكاويهم و تظلماتهم من نوائب الدهر حتى إلى الينابيع والنافورات والسواقي التي رأوا في تدفقها الدائم تلقائيا شيئا ما ساحرا يشبه الخلود وقوة خفية غيبية قادرة على إحداث المعجزات التي كانوا في أمسّ الحاجة إليها. فأقاموا لها الطقوس والقرابين وذبحوا لها الدجاج والديوك البريئة ريثما تستقل البلاد وتصبح لها مصالح إدارية وكذلك مؤسسات كبيرة للتكفل بمشاكل المواطنين كالمستشفيات وحتى ما يُعرف منذ سنوات بـ: وساطة الجمهورية..، لتنتزع من هذه الأشجار والينابيع شرف إدارة شؤون المواطنين الاجتماعية والنفسية.
وتجدر الإشارة إلى أن المختصين في الأنثربولوجيا يُجمعون على أن مثل هذه المعتقدات الخرافية هي عادات وثنية تعود إلى ماقبل الإسلام تم تكييفها مع هذه الديانة الجديدة.
أبرز الينابيع المقدسة في الجزائر هي ينبوع سيدي علي الزواوي المذكور من قبل، "العوينة" المحاذية لـ: سيدي مجبر ببوزريعة، عين سيدي عمَّـار بالقرب منه. "الشَّرْشَارْ" أين كانت تُقام طقوس غنائية تتراوح مابين ْالتَّقْدامْ" و"التَّحْوافْ" مع غسْل الملابس في نفس الوقت، و"السَّبع عيون" أو"عين الجنون" في بولوغين التي هدمها الاستعمار أثناء توسيع المدينة، وقد راح ملايين الدجاج ضحية قداستها كقرابين لطقوس "النَّشْرَة" و"الوَعْدَة"...
كما اشتهرت أيضا مياه عيون ضريح سيدي يحي الكائن بين حيدرة وبئر مراد رايس، سيدي عبد الرحمن، وسيدي مْحمد بن محجوبة، ببوزريعة.. وقد كانت هذه المياه لا تقل شأنا في قلوب الزوار والحجاج عن ماء بئر زمزم بمكة المكرمة. لكن منذ بضعة سنوات أصبحت كل هذه "الآلهة" الصغيرة في شبه عطلة بعد ظهور منافس قوي وحيوي اختار استراتيجية جديدة تتمثل في تنقله بنفسه إلى المواطنين والاستماع إلى همومهم وكروبهم حيثما كانوا... إنه سيدي "عبد القادر"، ، بحي المرادية المعروف رسميا باسم: عبد العزيز بوتفليقة، وهوالقادر حتى على إطفاء نار الفتن الكبرى التي تقشعر لها الأبدان والتي عجز عن إخمادها حتى سيدي عبد الرحمن..."فالله يزيد له في الشان"!
سيدي عطــاء اللــه ومعزوزة بنت الباي شعبـان
أما إحدى أشهر الطرائف التي لم يبق لها أثر اليوم لا في الفلكلور ولا في الذاكرة الشعبية باستثناء بعض الأصداء في بعض المصادر التاريخية فهي قصة "الوليّ سيدي عطـاء الله"، الذي كان يُقيم في نهايات القرن 16م في مدينة الأغواط، والأميرة معزوزة بنت الباي شعبان حاكم الجزائر. كانت معزوزة قُرّة عين هذا السلطان وعلى قدر هائل من الرقة والجمال. اختطفها فرسان مَالْطَا الصليبيون عندما كانت صبية في عمر الزهور، أثناء عملية قرصنة خاطفة على أحد شواطئ مدينة الجزائر، حيث كانت تلهو وتَمْرَح. فَحَزِنَ عليها الباي شعبان كثيرا وفاوض الأمم المتوسطية المسيحية من أجل استرجاعها إلى القصر وعرض على فرسان مالطا الهدايا والأموال دون جدوى...
في يوم من الأيام جمع رجال الدولة والحكماء والصُّلاَّح ليستشيرهم في أمر الأميرة، فصارحوه جميعا، وهُم في حَرَج، بعجزهم عن إيجاد مخرج لهذه الأزمة.
من بين الحضور كان يوجد أحد أشهر مشايخ وحكماء الجنوب الجزائري وهو الأغواطي سيدي عطاء الله الذي التزم الصمت أثناء هذا اللقاء. لكن عندما حط الليل رحاله على المدينة، يُقال أن هذا الولي الصالح، الذي لايزال ضريحه موجودا حتى اليوم بالأغواط، ذهب إلى مالطا على متن حصان طائر وتَبارَزَ مع حراس القصر الذي كانت توجد فيه الأميرة معزوزة أسيرةً وأرجعها بسلام إلى غرفتها بقصر الجنينة بمدينة الجزائر خِلْسَةًً، ثم عاد إلى الأغواط في نفس الليلة بسرعة البرق.
في الصباح فرح الباي شعبان كثيرا لعودة الأميرة عندما اكتشفها فجأة في غرفتها، وسرَّت المدينة كلها للخبر. غير أنه لم يتوقف عند هذا الحد بل أصر على معرفة هوية البطل الذي أنقذها، وراح يستعرض أمامها الفرسان والصُّلاح دون جدوى، حتى جاء اليوم الذي كان عطاء الله، صُدفة، في ضيافة السلطان ورأته معزوزة وأخبرت أبيها بالسر، فاتضح اللغز، وفرح الباي شعبان بالاكتشاف وأكرم الشيخ خير إكرام وأغدق عليه الهدايا، وجعله من حظوته ومقربيه رغم أن هذا الولي الصالح فضل البقاء ببلدته الأغواط. كما أعفاه هو وذريته من الضرائب، فأصبح آل عطاء الله من وجهاء هذه المدينة وأثريائها حتى اليوم، وهم منتشرون حتى في مدينة الجزائر.
هذه مقتطفات فقط، وهناك أخريات متنوعة لاتعد ولا تحصى. ففيها ما يتعلق بطرائف الألعاب والمبارزة في الأسواق، "ومن ذلك الألعاب البهلوانية التي تشبه المصارعة والتي كانت تجري يوم الجمعة"، بحيث كان يحضرها يوم عيد الأضحى، على حد تعبير أبي القاسم سعدالله، "الباشا وكبار رجال الدولة (..) خارج باب الوادي (وهم يجلسون) على زرابي حول الحلبة". وفيها قصص الملاحم والبطولات البحرية وشهامة الرجال وفيها أسرار القصور والحكايات الوجدانية الجميلة، وفيها غضب الحكام وتمردات السكان وحتى ثورات الطبيعة وكوارثها...، التي قد تتطلب أكثر من ألف ليلة وليلة لحكايتها...، فلنترك شيئا منها لمناسبات أخرى.



Par Renoir: Aid El Foul, la fête des fèves qui fut la fête de la communauté noire africaine d'Alger depuis la période ottomane jusqu'au début du 20 ème siècle



Dar Essoultane, palais royal, à Alger, dont l'emplacement fut à l'actuelle place des Martyrs depuis Salem Ettoumi, roi de Djazair Béni Mezghenna jusqu'aux ottomans; des frères Barberousse à Ali Khodja en 1817. Le palais fut démoli par l'administration coloniale française vers 1857
شوهد المقال 3552 مرة
التعليقات (4 تعليقات سابقة):
أرجوا منك أن تخبرني بتفاصيل قصة سيدي عطاءالله ومعزوزة بنت الباي شعبان من أي مصدر أخذتها لأني انا من أحفاد الشيخ الولي سيدي عطاءالله الحسني باالاغواط وضريحه موجود "بتاجموت "من أحواز الاغواط
وشكرا.
أرجوا منك أن تخبرني بتفاصيل قصة سيدي عطاءالله ومعزوزة بنت الباي شعبان من أي مصدر أخذتها لأني انا من أحفاد الشيخ الولي سيدي عطاءالله الحسني باالاغواط وضريحه موجود "بتاجموت "من أحواز الاغواط
وشكرا.
أضف تعليقك