الرئيسية | الوطن الثقافي | فوزي سعد الله .... الجزائر وافتقادها للدراسات الأندلسية والموريسكية

فوزي سعد الله .... الجزائر وافتقادها للدراسات الأندلسية والموريسكية

بواسطة randi 2014-10-20 10:35:55

حجم الخط:

فوزي سعد الله

."....في الجزائر، كما في غيرها من البلدان العربية، بقيتْ الأندلس في الضمير الجماعي إلى اليوم مقبرةً تُزار للبكاء والنحيب على ماضٍ سحيق ما زلنا نحِن إليه ومجدًا ضائعا يُذكِّرنا بمصائب أخرى في تاريخنا المعاصر ويزيد في ارتباكنا ومخاوفنا مما يخفيه لنا المستقبل. أما علاقة الجزائر الفعلية المباشرة بهذا الإرث الكبير فبقيت حبيسة أدراج الأرشيف والذكريات المحدودة البعيدة لدى بعض العائلات والإشارات المتناثرة هنا وهناك في مؤلفات مؤرخين كعبد الرحمن الجيلالي ومولاي بَلّْحَمِيسِي ومحفوظ قَدّاشْ. وباستثناء بعض الدراسات/المقالات التي أنجزها المؤرخ ناصر الدين سعيدوني وبعض الباحثين الأكاديميين من الأجيال الجديدة على غرار سكينة ميسوم وسامية شرقي ومصطفى بن حمّوش وفريد خيّاري، رغم أن البعد الأندلسي للثقافة والتاريخ الجزائري منذ أكثر من 5 قرون ُيشِّكل أحدَ أهم روافد الهوية القومية التي ما زالت تحكم سلوك المجتمع إلى اليوم، بقيت الجزائر متأخرة في مجال الدراسات الأندلسية/الموريسكية مُقارَنةً بجيرانها المغاربيين كتونس بمركزها الدولي الرائد "مركز الدراسات الأندلسية والموريسكية" في مدينة زغوان الذي يشرف عليه الدكتور عبد الجليل التميمي، والمغرب بمجموعة محترَمة من الباحثين الجامعيين كمحمد رَزُّوقْ وابن عزُّوز الحكيم واللذيْن يملكان اليوم عشرات الباحثين المتخصصين في الدراسات الأندلسية والموريسكية...ولا مجال أيضا لمقارنتها بما أُنجز حتى الآن وما يُنجَز في إسبانيا وفرنسا وأمريكا الجنوبية، لا سيما الأبحاث المعمقة والكثيرة التي قامت بها مجموعة من الخبراء الأبرز دوليا على غرار لويس كاردياك (Louis Cardaillac) و ميكيل إيبالثا (Mikel Epalza) وبيرنارد فانسون (Bernard Vincent) ودومينغيث أورتيث (Dominguez Ortiz) وباث فيرنانديث (Paz Fernandez) وغارثيا كارثيل (Garcia Carcel) وغيرهم...والجهود التي تبذلها جامعات ومعاهد دولية كمعهد مدينة ترويل الإسبانية وجامعة غرناطة بمجلتها "كرونيكا نوفا" (Chronica Nova) وجامعة مونبولييه الفرنسية، وأيضا المجلات المتخصصة التي تنشر مثل هذه البحوث والدراسات والتي نذكر من بينها مجلة "شرق الأندلس" بالتعاون مع جامعة القَنْتْ أو أَلِيكَانْتْ، ومجلة "سايتابي" (Saitabi) البَلَنْسِيَّة، و"القنطرة" (Alcantara) التي يُصدِرُها المعهد العالي للأبحاث العلمية بمدريد...إلخ.

وقد حركتْ بحوث ودراسات أمثال هؤلاء الباحثين وعيا بالتاريخ الإسباني الأندلسي/الموريسكي وصحوة في إسبانيا وفي غيرها من البلدان التي اهتزت قبل قرون لسقوط الأندلس وتداعياته الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، لأن سقوط الأندلس كان انهيارا لنظام عالمي برُمَّته..."...