جباب محمد نورالدين .......... ألبير كامو " أربعون سنة بعد الإستنطاق
بواسطة 2013-12-11 00:26:38

د .جباب محمد نورالدين
إلى الصديق عبد الرزاق بوكبة
" أعد تقريرا عن عودة الجدل حول كامو بين مدافع عنه ومتهجم عليه كيف ترى العقلية المثلى لقراءة كامو الآن والتعاطي مع تراثه؟ أرجو أن تسمح لك ظروفك بالتفاعل سريعا مع المحبة والتقدير"
هذه الدعوة الكريمة كانت من الأديب و الفنان و الرجل الطيب الصديق عبد الرزاق بوكبة .
بقدر شكري الكبير للصديق عبد الرزاق على دعوته بقدر ما أتساءل عن سبب هذا "العود الأبدي " بخاصة أن معركة كبيرة دارت رحاها على أعمدة الصحف بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل ألبير كامو
المناسبة التي أرادت جهات رسمية ، وأشدد على كلمة رسمية ، استغلالها لحسابات سياسية فنسقت مع جهات فرنسية من اجل تنظيم ما سمى آنذاك "قافلة ألبير كامو " التي كان مخططا لها الإنطلاق من أقصى الشرق الجزائري إلى أقصى الغرب في احتفالية كبيرة وقد حُددت وبعناية فائقة قائمة "الركاب " ومنهم زملاء تجمعني بهم صداقة واحترام ،ولما جد الجد لم أفكر لحظة واحدة في هذه الزمالة و لا الصداقة وكان لي موقف من القافلة ومن ركاب القافلة ومن يقف خلف القافلة من هنا ومن هناك بعد ما كنت من أوائل الموقعين على العريضة التي نددت بالقافلة وركاب القافلة و من خطط لقدوم القافلة .
لقد تطوعت جريدة الخبر مشكورة بنشر ثلاثة مقالات كتبتها ضد ألبير كامو و ضد قافلة ألبير كامو وضد ركاب قافلة البير كامو ، البعض عاداني و البعض نصحني صادقا أنني ضد إرادة سياسية رسمية فأجبته بطريقة جزائرية خالصة .
الصديق عبد الرزاق بوكبة لا أعتقد أنه يوجد ناقد مهما كبر شأنه أن يكتب و يفضح النزعة الاستعمارية و العنصرية المبثوثة في نصوص ألبير كامو مثلما فعل المفكر الكبير إدوارد سعيد في كتابه الموسوم "الثقافة و الإمبريالية"
أما موقف البير كامو من الثورة الجزائرية وجبهة التحرير التي كان يعدها حركة إرهابية فقد تكفل جونسون وجاك سيناك و الكثير من الأحرار الفرنسيين بالرد على ألبير كامو وفي هذه العجالة أسمع ماذا يقول المناضل الكبير هنري علاق عن ألبير كامو في كتابه الموسوم "أربعون سنة بعد الاستنطاق " الذي سوف يصدر قريبا
" لِنَعُدْ، قليلاً، إلى هذه العريضة، و فيها نلاحظ غياب توقيع " ألبير كامو" بين هذه التوقيعات لأسماء شهيرة...
هنري علاق : حقاً، و لكن ذلك الغياب لم يكن مفاجئاً لمن يعرفون الموقف الغامض الذي أبداه " كامو"، دائماً، بخصوص حرب الجزائر. و هذه أسطورة حافظ عليها " كامو" بشكل إرادي، بصمته أكثر من تبنيه المزعوم لفكرة جزائر مستقلة. و يُلمِّح البعض ــ و هذا حتى في أحدث سِيَرِه ــ إلى أن خروجه من الحزب الشيوعي الجزائري، الذي كان عضوا فيه في الثلاثينيات، يعود إلى كوْن هذا الحزب لم يأخذ في الحسبان، بما فيه الكفاية، التطلعات الوطنية للجزائريين. غير أن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً؛ إذْ، تحديداً، غادر " كامو" الشيوعيين في الوقت الذي تزايد فيه اِنخراط الحزب في اِتجاه " جزائري" أكثر فأكثر و أبدى فيه موقفاً موحداً مع مختلف القوى السياسية الوطنية. و قد تجلى موقف " كامو"، بوضوح، حينما اِندلعت الاِنتفاضة و خلال كامل مدة الحرب. و الأكيد أنه كان يعاني من آثارها المأسوية، و كان يدعو، من أعماقه، إلى وقف كل أشكال العنف لكنه كان يضع الوطنيين الذين كانوا يكافحون من أجل اِستقلال بلادهم و الجيش الفرنسي في كفة واحدة. و في نهاية الأمر، صَمَتَ. و لم يكن صمته، إزاء المسألة الجزائرية، في مجملها فقط بل شمل ذلك حتى الأساليب المستعملة لتحطيم المقاومة الشعبية. و في نهاية الأمر، فرغم مقالاته الشجاعة، التي ظهرت في 1939، في جريدة " ألجي ريبوبليكان" في إدانة بؤس سكان القبائل أو مناورات التزوير التي كانت تمارسها الإدارة الفرنسية المتواطئة مع كبار المعمرين، إلا أنه لم يهاجم، مطلقاً، شرعية النظام الاِستعماري نفسه. كما أنه لم يُظْهِر وجودَ مشكل وطني في الجزائر، و ضمن هذا الاِتجاه، فإن موقفه يلتقي مع موقف العديد من " الأقدام السود" الليبراليين، المصدومين، بصدق، بالوضع الذي فُرِض على الجزائريين و كانوا أنصار مساواة حقيقية بين هؤلاء الجزائريين و الأوروبيين، لكنهم لم يصلوا إلى فكرة الاِستقلال، و بدرجة أقل، لم يتقبلوها. ثم ما الذي يعرفه " كامو " عن هذه الجزائر المستعمَرَة؟ فعندما يقرأه المرء يمكن أن يظن أن بين " تيبازة" الرومانية و اِحتلال فرنسا للبلد، لم يحدث شيء؛ فهو يجهل القرون المجيدة لهذه الحضارة العربية التي تركت بصماتها عميقة في الجزائر. و في هذا البلد الذي وُلِد فيه و الذي اِستخدمه ديكوراً لأعماله، يظهر الجزائريون، هذا عندما يظهرون، مثل الأجانب، تقريباً. و حتى أختصر كلامي و أستعمِل لغة ماركسية لا تعجب كل الناس ( للأسف ) فإنه لم يكن لا معاديا للاِمبريالية و لا مناصراً ثابتاً لاِستقلال الشعوب.
شوهد المقال 2112 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك