خالد محمد خالد ...... الموهبة وأشكالها: إبراهيم أبو طوق (الخط لعربي عنوانه )

خالد محمد خالد
كُتب لي أن ألتقي أخيراً بعباس البغدادي في بيته الصغير في عمّان. وقد كان بيته صغيراً بالفعل: غرفتان أحداهما صالة ومكتب عمله في ذات الوقت والأخرى غرفة النوم وبينهما ما يحتاجه من حمّام ومطبخ. فعباس البغدادي يعيش وحده بعيداً عن عائلته المستقرة في إحدى دول اللجوء. وقد عاد الى عمّان حيث هي أحب إليه وأقرب في أن يجد فيها أسباب عيشه. وهو ككثير من أصحاب الفكر والفن العراقيين أضطروا الى ترك الوطن لئلا يكون مصيرهم كمصير الحاج خليل الزهاوي الذي اغتيل غدراً عقب الإجتياح الهمجي للعراق عام 2003. وقصتنا ليست عن عباس البغدادي بعد. القصة هي أني رأيت على جدار شقة عباس البغدادي لوحة للخطاط الأردني إبراهيم أبو طوق. وحينما رآني عباس أتطلع فيها قال لي أنها لإبراهيم أبو طوق وأن الخطاطين لا يتقبلون أسلوبه الحديث في الخط. وقد كنت أعرف أعمال أبو طوق من النماذج المتوفرة على الإنترنيت. ولكنه حينما قال لي أن الخطاطين لا يتقبلون أعماله تذكرت معاناة عبدالسميع سالم مع الخطاطين التقليديين الذين لم يتقبلوا فكرة الخط عبر الحاسوب.
والحقيقة هذه ظاهرة صحيّة. فجمود الخطاطين التقليديين على ما هو تقليدي أمر مفيد وهذا هو دورهم وقدرهم في الحياة. فمن يحفظ لنا هذه الحرفة وهذا الفن العظيم لو لم يقم له بعض من يؤمن به كفنٍّ جدير بالحفظ والصون. والمشكلة في الواقع ليست برفضهم الجديد فهذا نابع من إعتزازهم بالقديم. أنما المشكلة برفضهم الآخر، وهناك فرق بين الحالتين. والإعتداد بالرأي ورفض الآخر هي سمة ثقافتنا وأخلاقنا العربية المعاصرة. ضاقت الدنيا في أعيننا وأصبحنا نراها لا تستوعب سوى ما نراه شخصياً ثم أصبحنا نعادي ونجرّح ونعوّق من يخالفنا الرأي. وهذه مصيبة كبرى وهي السبب الرئيس للتخلف الذي تعيشه أمتنا اليوم.
ولنعد لأبي طوق. فبعد لقائي بالبغدادي قررت البحث لمعرفة المزيد عن أعمال أبي طوق. ولم أجد له موقع محدد ولكنه قد نشر العديد من أعماله على موقع deviant art. وقد أستعرت بضع الصور من هذا الموقع لتحليل أسلوبه الحديث في الخط العربي على هذه التدوينة:

خير ما نبدأ به هو إسم الله. ولإبراهيم العديد من البسملات وهذه قد مشقت بشكل طغراء. ويحمل العمل الكثير مما يميز خط أبو طوق، منها الإيقاع السريع والتشكيل الهندسي وضربة قلم مميزة.

يتباين خط أبو طوق بين الهندسي والخط اللين. وفي هذا العمل نرى زوايا حادة وطابع هندسي. وبشكل عام يميز هذا العمل الإيقاع السريع خاصة في الخطوط العمودية.

بسملة بألوان زاهية. لاحظ ما تتميز به هذه اللوحة من استخدام للخطوط الدقيقة مع خطوط متوسطة الوزن. ويناظر هذا التباين تباين الألوان الحارة مع الألوان الباردة. وتربط الخطوط الدورانية شكل البسملة مع الخلفية.

الدائرة تحكم هذا العمل وتكاد تسمع صدى موسيقي سريعة، أو لربما هو شكل مفتاح صول المتكون بين الدائرة والخطوط الصغيرة في أعلى اليسار.

لعل هذا العمل يغيض الخطاطين التقليديين. ورسالة أبو طوق لهم واضحة. والإبداع لا يمثل هروباً من قواعد الخط التقليدي وإنما هو بناء عليه وامتداد له الى عالمنا المعاصر.

كانت مفاجأة لطيفة أن أعرف أن إبراهيم أبو طوق هو مهندس معماري زميل. ويبدو أسلوبه المعماري واضح في هذا التخطيط المصحوب بالملاحظات.

من الشعارات وإنتهاءاً بأعمال فنية كاملة. لوحة حروفية على طريقة نجا المهداوي. تغطي موهبة إبراهيم أبو طوق طيف الخط بأكمله
شوهد المقال 6424 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك