عثمان لحياني ـ حكومة اللاءات الثلاث...اللاتوازن ، اللامعقول، اللارؤية
بواسطة 2021-07-13 03:31:26

عثمان لحياني
لا تجد الحكومة الجديدة لنفسها توصيفا يمكن أن يحيط بها، خط انتاج هذه الحكومة (بالمعنى الصناعي) يضع السياق الانتخابي ومخرجاته في حالة اعدام، ويجمد العملية السياسية برمتها، ويكرس تبعية المؤسسة الحزبية للسلطة، على منطق "امطري حيث شئت فخراجك لي" بينما كان يفترض حدا أدنى من التجديد في ميكانيكا تشكيل الحكومة، يتوافق مع خطاب "الجزائر الجديدة"، من جانب آخر ، لا يمكن اعتبارها حكومة تقنوقراطية، لأن المسار التقني للوزراء في مقابل التوصيف الوظيفي للقطاعات الوزارية واستحقاقتها، غير متطابق بالمطلق.
من الواضح أن هناك استهسال كبير هذه المرة في تشكيل الحكومة، دونما ادارك بحجم المشكلات العميقة التي تعيشها البلاد وأفقها الاقتصادي والمالي المحدود، تتكشف الحكومة الجديدة على حالة من اللاتوازن، ثمة فقدان توازن واضح أتاح لطرف أحادي ومخبر وحيد اخراج التشكيل الحكومي بهذه الصورة، ودونما مقاومة داخلية، في تجارب الحكومات سابقا كان التدافع بين مراكز الحكم والنفوذ المتعددة، يلعب دورا في وجود حكومة (نسبيا) أقل سوءا على سلم الجودة، لا تظهر في الحكومة الجدبدة أية علامات للتدافع بين مراكز الثقل . وفي مستوى آخر لم تضمن الحكومة أي مستوى للتوازن بين مستوى تمثيل للمدرسة السياسية والأحزاب، وبين كتلة الكفاءات التي تمثل المدرسة الادارية، لأن توصيف الوزراء غير متحزبين بأنهم تقنوقراط أو كفاءات حتى، أمر غير دقيق.
يعطي التخبط الحاصل في هيكلة حكومة مؤشرا دالا على اللارؤية، وهذا ناتج طبيعي لغياب المشروع السياسي والاقتصادي، وللاستمرار في خصومة مزمنة مع البيداغوجيات الحديثة والانساق العلمية في هندسة الحكم والحكومات، بحيث تفضل السلطة الاتكاء على ميراث هش ومتآكل من أساليب التدبير البيروقراطي، يمكن ملاحظة أن بعض الوزارات تم فصل أقسام منها سابقا، كوزارات منفصلة، تمت اعادتها، (الجالية بالنسبة للخارجية) ، وأخرى تم الغائها (النخبة بالنسبة للرياضة)، تماما كما حصل سابقا مع قطاع المناجم بالنسبة لقطاع الطاقة ، ليس هناك أي تقييم يمكن أن يبرر هذه التعديلات الهيكلية أو تفسير واضح لكل ذلك.
ما يؤكد عدم وجود خطاطة تنمية واضحة للسلطة الماسكة بزمام الحكومة، أن بعض تسميات الوزارات وليدة اللحظة، الشاهد على ذلك اضافة تسمية الأمن المائي الى وزارة الموارد المائية، بخلفية أزمة الماء الراهنة في الجزائر.
يظهر أن الرئيس يلقي بثقل العبأ الحكومي على أيمن بن عبد الرحمن، دون أن يترك له في المقابل فرصة اختيار فريقه، تماما كذلك المدرب الذي يعتمد ويراهن على لاعب واحد في فريقه لحسم المقابلة، وهذا في حد ذاته خيار مغامرة في اللامعقول، بل أن تعيين طبيب أعصاب لادارة قطاع بالغ الحيوية بالنسبة لمشكلات المستقبل،كالانتقال الطاقوي، هو خطوة تتجاوز وصف المغامرة وتقترب من العبث، وبهذه الصورة تصبح الحكومة الجديدة أكثر عجزا عن تحقيق أي منجز ، او مقارعة الازمات الكابحة للبلد، ولذلك لا أحد يشك مطلقا في أن الكثير من الوزراء كتبت أسمائهم بقلم رصاص اقرب الى محوها في اقرب فرصة بكل تأكيد.
تجتمع في هذه الحكومة التاءات الثلاث أيضا ، التزوير والتدوير وسوء التدبير، فأما الأول فهو تشكيل حكومة خارج سياق المخرجات الانتخابية ودون احترام المنطق السياسي وادراك حجم المعضلات الراهنة في البلد، وأما التدوير فهو واضح من خلال استدعاء وجوه مضغها الفشل وكانت مسؤولة عن شل قدرات البلد ، وأما سوء التدبير فهو هذا كله الذي حدث.
شوهد المقال 1561 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك