صحيفة الوطن الجزائري : عثمان لحياني ـ يأتي الشهداء..يصمت الجميع عثمان لحياني ـ يأتي الشهداء..يصمت الجميع ================================================================================ عثمان لحياني on 04:14 04.07.2020 عثمان لحياني عندما ذهب الزعيم نلسون مانديلا في أول زيارة له الى باريس عام 1994 ، كان أول مطلب قدمه هناك ، استرجاع رفاة سارتجي برتجمان، افريقية اقتلعت من أرضها ونقلتها الهمجية الى باريس وسلمت الى طبيب نابليون ، كوفييه لدراسة جسدها ومحاولة اثبات أنها أقرب إلى القرد .نفعل اليوم ما كان يجب، وما تفعله الشعوب التي تحترم نضالها ولا تترك رفات شهدائها بين يدي غاشم ، اليوم لا عسكري يستطيع ولا سياسي يقدر ، الشعراء وحدهم يعرفون كيف يرسمون الشهداء ، هم أكثر قدرة على تحريك جامد وتقويل ميت ومحادثة الجماد ، وهم الأكثر امساكا بالمشهد الذي يصنعه اليوم عودة الشهداء الى الديار من المنفى، روحهم لم تغادر الأرض لكنها كانت بحاجة الى أن تعود للسكن في الجسد او بعض منه. المقام مقام عاطفة عاصفة لا يلجمها الا بيت شعر ومديح ظل عالي وشاعر مطراب ، ومغني ينشد لا يبح صوته، فهؤلاء العائدون الى البيت قصة روحانية لا تحاط ولا تمسك ولا تكيل ولاتقاس ولا تقارن ولا تقابل ولا تعقد ولا تحل،هي أيضا ليست رأس مال للاستثمار السياسي في المناكفة ، ولا سجلا تجاريا للمزايدة ، ليست انجاز فرد و لن تكتب في رصيده أي كان، فالكثيرون منذ 2011 ، بذلوا كل من موقعه الجهد لأجل أن تكون هذه اللحظة التاريخية المفيدة. هذه لحظة غير قابلة للصرف،السلطة نفسها بكل مؤسساتها ورموزها يجب أن تصمت وتخجل، سيكون مقيتا إن هي حاولت احتكارية اللحظة والمنجز، لأنها تركتهم شيئا للسياحة في متحف باريسي وأغراضا لتطبيقات البحث لعقود دون ان تحاول، بل انها كانت تكذب علينا في كتب التاريخ فلم تقل لنا الحقيقة عن هؤلاء .كل شيىء يمكن أن يكون محل اختلاف، الا هؤلاء المتعالين علينا بنضالهم الذين قال فيهم تعالى في الحديث القدسي "وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين" ، لا قيمة للأحياء هنا والعقول المهاجرة هناك دون هذا الرصيد النضالي المفاخر به الأمم ، لذلك ليس مقبولا ، بل يرقى الى درجة القبح ، طرح معادلة (جماجم - أحياء) و(جماجم- معتقلين) و(جماجم -عقول) و (جماجم -عالقين)، بئس القيس هذا والقياس والقائس .يحيط بنا البؤس نعم، والتعاسة نعم، و المستقبل غامض نعم، مع ذلك كله ، يمكننا أن ننسى نظام التفاهة ولنترك هذا اليوم للشهداء ، ففي حضرتهم لا تجوز الخصومة والمرافعة والكلام ، وهذه لحظة غير قابلة للصرف.. يأتي الشهداء يصمت الجميع .