سعيد لوصيف ـ المثقفون والبيداغوجيا ..

د. سعيد لوصيف
من الرهانات الرئيسة للثورة السلمية ، و التي يتعين على المثقفين والجامعيين التأكيد عليها ومناقشتها في هدوء عقلاني صائب، هي تلك المرتبطة بمجهود التفكير في وضع أسس معرفية وفهم سياسي يمكن أن يلج اليه كل الجزائريات والجزائريين، و للتمكين فعليا للتحول الاجتماعي والسياسي ان يصبحا واقعا معيشا. ويتعلق الامر هنا ، ببنية الاتصال الاجتماعي في الفضاء العام و ضرورة تجاوز الكلمات والمصطلحات التي قد تبدو انها مشحونة ايديولوجيا، وتحمل في طياتها ثقل معاشات و صدمات عنيفة في المخيال الاجتماعي ، مما قد يعيق استخدامها سيرورة التواصل السياسي بالذات، وتشوش عليه وعلى اهداف الثورة. مع العلم انني كنت دوما اؤكد مع الاصدقاء ان انجع الطرق واحسنها التي يمكن أن "يرافق"بها الجامعيون والمثقفون مسار الثورة السلمية وديناميكيتها، هي تلك التي ترتبط اساسا بالدور البيداغوجي الذي يهدف الى تفكيك كل الغام النظام والثورة المضادة وفتح آفاق التواصل والنقاش بين مكونات المجتمع على اختلاف توجهاتها. فالرهان على مستوى التواصل مرتبط بقدرتنا على نقل الجزائريات والجزائريين من مساحات صراعات عقيمة الى مساحات تقاسم مشترك ومتبادل لخبرات وتجارب فردية وجماعية يمكن أن تضفي في نهاية المسار الى عقد إجتماعي وسياسي جديد. وعليه، يبقى رهان الثورة السلمية في بناء الدولة الحديثة من أعظم الرهانات و اهمها، واعني بها تلك الدولة التي تجعل من المواطنة المبدأ الرئيس والاول للهوية الفردية ، اي بمعنى ان تنجح الثورة في بلورة مشروع دولة تنصهر فيها كل الهويات المختلفة، التي قد تبنى على فكرة الطبقة او فكرة الدين او فكرة الجنس او غيرها من الهويات، في هوية جامعة : هوية المواطنة التي تتأسس فلسفيا على مبدأ التسامح و الحق في الوصول إلى الدولة.
شوهد المقال 326 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك