سعيد لوصيف ـ هل الجامعة الجزائرية تنتج سياسة وممارسات سياسية ؟!
بواسطة 2020-03-05 00:59:42

د. سعيد لوصيف
صرح الاستاذ شيتور ، وزير التعليم العالي في معرض رده على أسئلة أعضاء مجلس الأمة، اليوم الإثنين خلال جلسة علنية، خُصصت لتقديم ومناقشة مشروع القانون المتضمن القانون التوجيهي حول التعليم العالي والتطوير التكنولوجي ، بقوله " يجب إبعاد الطالب عن السياسة، بعد أن أصبح اليوم يغلق أبواب الجامعة لأسباب سياسية”.
لا الاستاذ شيتور ... أعتقد أن حكمكم هذا يمكن دحضه و الرد عليه. كما اعتقد أنه حكم متسرع كان يتطلب منكم استقراء الوضع والسياق من خلال تناول نسقي عميق وشامل. وعلى خلاف تصريحكم هذا فإنني، وبالنظر للتحول المجتمعي والسياسي الحاصل في المجتمع الجزائري حاليا، ارى أنه من الأهمية ، بل من الاستراتيجي ان نعيد الطالب والاستاذ في الجامعة للسياسة...
ان قولكم بابعاد الطالب عن السياسة، أعتقد انه رأي يجانب الصواب، و ناتج أصلا عن بناء ذهني مشوه تملك عقول كثير من الجامعيين والسياسيين في السنوات الاخيرة...
كثيرون هم من يعتقدون ان هناك "تخمة" في تسييس الجامعة، و ان مثل هذا التسييس كان سببا في تراجعها..
و الحقيقة المرة التي ينبغي ان ندركها هي التالية: لا يمكن لاي جامعة ان تنتج فعلا سياسيا وممارسات سياسية وهي بعيدة كل البعد عن تعلم الفكر وانتاجه.. فالسياسة هي امتداد الفكر وسيرورة التفكير.. وما قد يوصف بممارسات سياسية وتسييس للجامعة حاليا ، فهي لا تعدو ان تكون ممارسات ريعية وامتداد طبيعي لنظام ريعي.. فالجامعة التي هزمت العلم والفكر ، لا يمكن لها ان تنتج فعلا سياسيا وممارسات نضال سياسي ، ذلك ان العلاقة بين تحصيل العلم وانتاح الفكر و الفعل السياسي هي علاقة طردية.
الاستاذ المحترم شيتور، ان المحتويات العلمية والفكرية هي التي ترقى بالسياسة، وتجعل من الجامعة فضاء للنقاش والمداولة و اضفاء المعنى على الظواهر والسياسات. لقد هزمنا الجامعة و هزمنا السياسة عندما جعلنا من الجامعة "مركز تكوين مهني" و جعلنا من السياسة و العمل السياسي ممارسات مرادفة للولاء والهشاشة والرداءة ، وجعلنا هم اغلب اساتذتها الظفر و الاستفادة بمنحة من رحلات "عمرة لشخصين".
لا الاستاذ شيتور، و في خضم ما يعيشه المجتمع الجزائري من ديناميكية مجتمعية وسياسية ، فإنكم قد توافقونني بالقول ان هذه الديناميكية، لم تنتجها الجامعة و لم ينتجها الجامعيون، وللاسف الشديد. ان من انتج هذه الديناميكية، و رسم شعارات مطلبها السياسية هم أولئك الشباب الذين حرموا من المعرفة و تم اقصاءهم من السياسة. ولهذا الامر يتعين اليوم اكثر من اي وقت مضى ان نعيد المعارف والافكار للجامعة ، حتى تنتج لنا هذه الاخيرة فعلا سياسا و ممارسات سياسة، ذلك لان التشخيص الصائب كما سبق وأن ذكرت هو ان الجامعة فقدت العلم والفكر، وبالتالي فقدت وفقدنا معها السياسة. و عليه، يكون التصحيح المنهجي في هذه الحالة، أن نعيد الافكار للجامعة حتى نعيد الطالب والاستاذ للسياسة . مع فائق الاحترام والتقدير.
شوهد المقال 364 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك