نوري دريس ـ لماذا لا يمكن للحراك ان يكون حزبا سياسيا..؟

د. نوري دريس
محاولة تشكيل حزب سياسي باسم الحراك, او لتمثيل الحراك, لا يختلف في شي عن جبهة التحرير الوطني بعد الاستقلال , التي ادعت تمثيل كل الجزائريين داخلها.
لا يمكن ان يجمع حزب سياسي واحد, يفترض ان يكون هدفه الوصول الى السلطة, كل الحساسيات التي توجد داخل المجتمع. الادعاء بذلك هو شعبوية تعيد انتاج الفيس والافلان بنسخ جديدة.
الحراك هو فيضان ثوري يحاول ان يرسم مجرى جديد يسمح باعادة الحياة و الفعالية للحياة السياسية. و هذا من خلال الضغط علي السلطة القائمة لاجبارها على الانسحاب من احتلال فضاءات يفترض انها ملك للمجتمع المدني و ليست ملكها هي: الاعلام, الاقتصاد, الفضاء العام, الساحة الحزبية, الجامعة, ...
هذه الفضاءات محتلة اليوم بالكامل و لا يمكن لاي حزب سياسي او جمعية ان يكون لنشاطها فعالية دون تحرر هذه الفضاءات...
تشميل حزب سياسي يمثل الحراك, هو يتوبيا شعبوية ساذجة, ستنتهي سواء الى فاشية متطرفة قد تنزع الى العنف لسهولة التواصل معها واختراقها من الداخل والخارج,
فشل الاحزاب القائمة في احداث تغيير ولو صغير على السلطة لا يعود الى كون المنخرطين فيها وقادتها ليسو نزهاء و لا يحملون افكار, بل لكون الحقل السياسي محتل من طرف السلطة بادوات و اليات لاسياسية. لا تسمح بالمرور الا لمن تتافر فيهم صفات ينتقيها النظام بشكل آلي...
التحدي الذي يواجه المجتمع الحزائري اليوم هو تحرير فضاء السياسي le champ du politique او ربما بناءه من الصفر, و هذه العملية لا تتحقق بتشكيل حزب سياسي, بل يحتاج الى ضغط ثوري سلمي متواصل لاجبار السلطة على التراجع الى الفضاءات الطبيعية لها وعدم تجاوز الحدود التي رسمها لها القانون.
شوهد المقال 598 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك