حميد بوحبيب ـ الربيع الشعبي الجزائري :
بواسطة 2019-04-19 04:38:42

د.حميد بوحبيب
قاطرة الحراك تصل إلى محطة تاريخية رمزية هي محطة العشرين أفريل، التي شكلت في المخيال الوطني قطيعة حادة مع التصور المونوليثي للهوية والثقافة والثوابت .
العشرون من أفريل أعاد رسم بطاقة الهوية بألوان الربيع وعبق الأرض وإيقاع اللغة الأم وحروفها النارية المتجذرة في شقوق الصخر وجداريات الطاسيلي .
مضى ما مضى من الوقت ، وأهدرت طاقات ، وتكبد الشعب تضحيات هائلة ليفرض على بوتفليقة أن يسلم صاغرا بإدراجها في الدستور لغة وثقافة وتاريخا...ثم ترسيمها في النهاية رضوخا لضغط الشارع .
اليوم وقد نضج الحراك بما فيه الكفاية ليفتح كل الملفات ، ويرفع من سقف مطالبه السياسية والاجتماعية ، آن الأوان لأن نحتفل معا برمزية هذا التاريخ ...معا بصرف النظر عن اللغات واللهجات التي نتكلم بها ...
آنا الأوان للجزائريين شاوية وقبايل وتوارڨ، ومزابية ونايلية وحراكتة وشعانبة وهلالية ....أن يحتضنوا هذا التاريخ مثلما احتضنوا يناير وقبلوا به عيدا وطنيا .
آن للجزائريين أن يحققوا المصالحة الشعبية حول الهوية واللغة والثقافة .
آن لنا أن نمجد تضحيات شباب الربيع الأمازيغي ، والربيع الأسود ، ونقول :
أولئك الرواد منا ونحن منهم ...أولئك شهداء الوعي والحرية والجذور .
ولأن الجريمة في حق الوطن لا يغلق ملفها بالتقادم ، علينا أن لا ننسى ولا نسامح من أعطى الضوء الأخضر لإطلاق الرصاص على أبنائنا العزّل في الشوارع .
ومن أجل أن لا تصبح ورقة الربيع الأسود لعبة في أيدي المتطرفين ، علينا أن نتبنى محتواها في حراكنا اليوم ، لأنه من العبث محاولة بناء جمهورية ثانية إذا لم نعرف عيوب الجمهورية الأولى و ثغراتها.
العيب الجيني الذي توارثته الجمهورية العرجاء التي فرضت علينا هو اعتمادها على تصور مركزي ، لا يفرق بين مفهومي الوحدة والأحادية .
وحدتنا لا تتعارض إطلاقا مع تنوعنا وثراء مرجعياتنا .
رايتنا الوطنية لا تتناقض مع الراية الأمازيغية الثقافية التي توحد كل شمال إفريقيا .
و حراكنا يجب أن يكون فيه متسع للجميع ، وما يكفي من النضج والتسامح لطرح كافة الملفات الشائكة دون خوف ولا توجس ولا تخوين .
معا من أجل تبني الربيع الأمازيغي لنجعله ربيعا وطنيا يحتفي بكل لغاتنا الشعبية ، وبكل ما يميزنا عن غيرنا من الشعوب .
معا من أجل نبذ الجهوية والنزعات العرقية ، والنعرات القبلية ...
الجمهورية التي تخاف من التنوع ليست جمهورية، والإخوة الذين يخافون من الاختلاف ليسوا إخوة .
معا من أجل الربيع الشعبي الجزائري .
شوهد المقال 974 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك