حميد بوحبيب - أكذوبة إعادة التصنيع ، و تبديد المال العام ؟
بواسطة 2015-03-14 02:06:29

د.حميد بوحبيب
منذ أشهر و السلطة الحاكمة في هذا البلد تروّج للأكذوبة الجديدة : إعادة التصنيع ... و هي تتضمن القول بأن الأكذوبة السابقة [ المستقبل للزراعة ] ، مضى عليها الزمن ... و منذ ـسابيع اشتد وهج هذه الحملة ، إلى درجة أن الإذاعات الوطنية كلها خصصت يوما للفكرة ، أطلق عليه في القناة الثالثة[ fil rouge autour de la réindustrialisation] ، و في القنوات الأخرى [ حملة من أجل إعادة التصنيع .... ؟؟
فهل حقا استفاقت حكومة سلال و حاشية بوتفليقة من سباتها لتشمر أخيرا عن سواعد الجد و العمل في المصانع ؟؟
لمن يريد أن يوهمنا بهذه الخرجة الجديدة نقول : ألستم أنتم من باع مصانعنا التي شيدت في السبعينيات بأثمان بخسة لصالخ البورجوازية الطفيلية الناشئة ؟ ألستم يا أتباع الرئيس المقعد من فكك الشبكة الصناعية : النسيج ، صناعة الجلود ، الزجاج و المواد الكاشطة ، الحديد و الصلب ؟ ألستم من قرر الخوصصة [ الخصخصة ] بالجملة ؟
ألستم أنتم من فتح المجال للهندي لاكشمي ميتال ، و هالي بورتون ، و لافارج ، و بقية الأسراب الصينية الناهبة ... ؟ فكيف تتعجبون اليوم بعد عهدة رابعة من التبدبد و التبذير و التهب من غياب إنتاج وطني قادر على التنافس ؟؟
ثم لنفرض أننا متسامحون معكم ، و نصدق نواياكم الوطنية الغيورة على المصالح العليا ، و أن إعادة التصنيع هي حقا مبتغاكم اليوم ؟؟ فهل إعادة التصنيع تتم بالفضائح التالية:
ـ بعتم مصنع الحجار للهندي بأقل من ثمنه الحقيقي، ضمن صفقة هائلة تعهّد فيها لاكشمي ميتال برفع سقف إنتاج الحديد إلى 3 مليون طن على الأقل .... و بعد تسريح آلاف العمال و غلق فرنين من أفران الفحم ، و سنوات من النهب ، لم يستطع الهندي أن يتجاوز 700 ألف طن سنويا ؟؟؟؟ بينما استطاع الجزائريون سنة 1977 أن ينتجوا 1.2 مليون طن ، و هو أعلى سقف إلى يومنا هذا ؟؟ و بعد انهيار طموحات لاكشمي في السوق العالمية ، هدد بإعلان الإفلاس و اشترط على الحكومة الجزائرية أن تمنح له قروضا امتيازية من أجل إعادة بعث الأفران المتوقفة عن الإنتاج ... و رضخت الحكومة و أقرضته ما قيمته تقريبا نصف مليار دولار ؟؟ و مع ذلك لم يحقق الهدف المتفق عليه ... و بدلا من إلغاء الصفقة من الأساس ، تسارع الحكومة مرة أخرى بضخ أكثر من 2 مليار دولار ، لشراء أسهم تسمح للدولة الجزائرية أن تصبح مالكة للمصنع بنسبة 51 في المائة ؟؟
النتيجة بالعربي الفصيح : [ كان عندنا لوزين ديالنا ... بعناه بنص السومة باش ايولّي ينتج ، بالصح ما نتجش اكثر ما كنا انتجو من قبل ... السيد قريب يفلس ، انقذناه بدراهمنا ... من بعد زدنا اشرينا عليه نصف واش كان عندنا أصلا ... و ارجعنا نسالو نصف اللوزين اللي كان عندنا ... بعد خسارة 4 مليار دولار ,,, و مازال ماناش قادرين نتجاوزوا سقف انتع 1977 ؟؟
ـ أردتم أن تنتجوا سيارة جزائرية بأي ثمن ، و بعد 4 سنوات من التوسل ، قبلت رونو أخيرا أن تأتي لبناء مصنع لإنتاج سيارة سامبول ... و قدمتم هذا عاى أنه إنجاز هائل ,,, و لم تقولوا للناس بأن رونو التي تعاني من منافسة شرسة في عقر دارها ، كما في إفريقيا عامة ، قبلت بالمجيء لأنكم وعدتموها بشراء كل السيارات المنتجة في نهاية العام إذا لم يقبل عليها الجزائريون ، بمعنى أن رونو رابحة على طول و مسبقا لآن الدولة الجزائرية ستشرتري الخردة الكاسدة بأموالها لتوزعها على مؤسساتها ... ؟؟ بربكم بابا نويل لا يفعل هذا ... القائمون على رونو لم يصدقوا أن هناك حكومات بهذا الغباء ؟؟؟ غباء ... نعم ... كان يكفي أن نشتري هذه السيارات إذا رغبنا فيها من عندهم بدلا من : تبديد العقار ، و التسهيلات الضريبية الخارقة للعادة ، و ضخ أموال هائلة لصالح شركة تعاني معاناة رهيبة بفعل الأزمة الحانقة التي تعرفونها في أوربا ؟؟
ـ و الأدهى سا سادة الوهم ، أنكم تأتون بشركاء وهميين لا يفدمون شيئا لنا في المقابل ؟ و أحسن مثال هو الشريك الإماراتي في صناعة الشاحنات العسكرية لصالح الجيش من قبل شركة مرسيدس ؟ السؤال : بما أنكم في بحبوحة [ 200 مليار في الخزائن الأمريكية] و قادرون على توفير الغلاق المالي الضروري لٌاقامة المصنع مع مرسيدس ، فلماذا تصرون على إشراك الإماراتيين ، هل لهم مثلا خبرة تكنولوجية رائدة ، هل لهم جيش عريق جرّب هذه الشاحنات ، هل الشاحنة أصلا اختراع عربي ؟؟
كان يمكن التعامل مياشرة مع الألمان ، على قاعدة واضحة ، لنصبح بعد تغطية حاجيات الجيش الوطني مصدرين إلى إفريقيا و العالم العربي ، دون أن يشاركنا في ذلك أمراء الخليج ؟
ـ نفس الأمر يقال على مصنع بلارة للحديد و الصلب ... ؟ متى كان القطريون خبراء في الصناعات الفولاذية ؟؟ أليس من عين العقل أن نتعامل مع أمريكا أو ألمانيا أو روسيا مباشرة ، دون أن نستنجد بدولارات الخليج ، و دولاراتنا أصلا تنام في خزينة أمريكا ؟؟
القائمة طويلة جدا يا أمراء الوهم ... و إعادة التصنيع التي تتشدقون بها اليوم ما هي إلا حيلة مفضوحة لتبديد المال العام و إرضاء أطماع دول عير جديرة حتى بالاحترام ... لمجرد أن سادتها هم أصدقاء مقرّبون من فخامته ؟؟
إعادة التصنيع مهمة أكبر من أن يضطلع بها أمثالكم من المتعطشين للنهب و الفساد ...
شوهد المقال 1209 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك