يسرا محمد سلامة ـ النهايات الصادمة
بواسطة 2019-06-09 00:36:10

د. يسرا محمد سلامة
العِبرة دائمًا بالخواتيم، هذا المثل الأقرب ما يكون إلى الحكمة، لم نجده – للأسف الشديد – في نهايات بعض الأعمال الرمضانية هذا العام، والتي كانت ذات نسبة مشاهدة عالية، فعلى سبيل المثال مسلسل "حدوتة مُرة" هذا العمل كُتب بحبكة درامية مميزة جدًا من بداية حلقاته، مع تنفيذ لمشاهده بجودة عالية من مُخرجة تُخرج لأول مرة عمل تليفزيوني وهي ياسمين أحمد كامل.
اختيار موفق لأبطال العمل، ومنذ أول حلقة التي برعت في أدائها بشكل لافت للنظر الفنانة وفاء صادق، في دور سنية والدة مُرة، بعدها كان لمحمد شاهين أداء عبقري في حلقتين منه، يستحق عن هذا الدور جائزة تقديرية خاصة؛ لبراعته، مرورًا بكل أبطال العمل سواء الذين كانت لهم مساحة كبيرة فيه، أو قاموا بدور صغير مثل القدير عبدالرحمن أبو زهرة "الخواجة إسحاق".
كان المشاهد يعيش مع كل حلقة مُنتظرًا لحظة النهاية؛ لكي يعرف ما ستؤول إليه الأحداث، فالخاتمة دائمًا ما تكون النتيجة المنطقية لتسلسل الحبكة الدرامية طوال حلقات العمل، ولكننا فوجئنا بنهاية غير منطقية مبتورة له، فلم نشاهد في الحلقة الأخيرة – التي كانت حلقة قصيرة جدًا - سوى "مُرة"، في مشاهد غير مفهومة أو مُبررة، قامت مخرجة العمل بعمل فلاش باك معها لبعض الأحداث، ولا ندري ما المقصود بها، فقد كان يكفي أنْ يُعرض لنا مصير مُرة المحتوم في النهاية فقط، وهذا لن يتجاوز المشهدين في الحلقة.
كما كان لزامًا على المخرجة، أنْ تستعرض في هذه الحلقة الختامية ما صارت إليه الأمور مع باقي أبطال العمل، مثل أولاد مُرة، زوجها الذي عاشت معه سنوات طويلة وهي تَغشه، مصير الحلوجي الذي تآمرت معه ضد زوجها، وقد كانت على علاقة قديمة معه أثمرت عن طفل، وهكذا .....
فهؤلاء يستحقون أنْ يُسلط عليهم الضوء هم الآخرون مثلها تمامًا؛ لأننا تعايشنا مع قصصهم طوال الشهر الكريم، أما أنْ تُختزل الحلقة الأخيرة في الفلاش باك ومُرة، فهذا أمر غير منطقي لنهاية عمل من المفترض أنه ذو مستوى مرتفع، وصاحب نسبة مُشاهدة عالية
وهناك عمل آخر مُقتبس عن عمل أجنبي "زي الشمس"، هذا العمل احتل جزء كبير من المشهد في رمضان هذا العام؛ بسبب قصته التي تناولت جريمة قتل أثارت فضول المشاهدين، وظلوا يتساءلون عمن قام بها، وكنا ننتظر بالطبع الحلقة الأخيرة؛ لكي نعرف الإجابة عن هذا السؤال، وها نحن من جديد، نُشاهد ختام لعملٍ توافرت له كل أسباب النجاح من اختيار لأبطاله، وقصته المميزة، وإخراج موفق – إلى حدٍ كبير له – باهت ومبتور، وأصاب المشاهد بخيبة كبيرة جدًا؛ لأنه وببساطة شديدة لم تكن النهاية المنتظرة، كما أنها لم تكن على المستوى المطلوب
فقد كانت نهاية العمل الأجنبي تقول أنّ زوج القتيلة هو من قام بارتكاب الجريمة، وكان على القائمين على النسخة المصرية سواء مريم نعوم أو نجلاء الحديني، أنْ يُغيروا من هذه النهاية بنهايةٍ أخرى منطقية تتوافق مع مسار الأحداث أيضًا، وهو ما كنا ننتظره بالفعل، لكننا اكتشفنا أنّ الزوج له يد في قتل زوجته بمساعدة أخرى، كما أننا صُدمنا من بعض المشاهد المبتورة غير المُقنعة في الحلقة الأخيرة؛ ولم يستطع المشاهد ربطها بما سبقها من أحداث، وكانت المفاجأة أنّ منتج العمل خرج علينا بتصريح بعد نهاية الحلقة، بأنّ هناك جزء ثانٍ للعمل؛ رُغم أنه لا يحتمل أي أجزاء أخرى
أكثر ما أحزنني في هذه الأعمال الرمضانية أنها اتسمت بالحِرفية العالية في معظم حلقاتها، وكنا نتوقع أنْ تكون الخاتمة بمثل هذا المستوى من الأداء الأقرب ما يكون إلى الاتقان طوال فترة العمل، لكن الاستسهال في إنهاء عمل ذو جودة عالية، هو ما يعيب دائمًا المنتج المصري، فكرة "التشطيب" لم نقتنها إلى الآن، مع أننا نقوم بالعمل الصعب، لكننا لسنا قادرين حتى اليوم على إنهاء عملٍ توافرت له كل أسباب النجاح
شوهد المقال 1374 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك