صحيفة الوطن الجزائري : كاظم مرشد السلوم - حكاية الهروب من جحيم إلحرب الى غياهب البحر كاظم مرشد السلوم - حكاية الهروب من جحيم إلحرب الى غياهب البحر ================================================================================ كاظم مرشد السلوم on 05:28 15.03.2017 كاظم مرشد السلوم ماريه نوستروم ، عملية عسكرية امنية بحرية اطلقتها ايطاليا في اكتوبر تشرين الاول عام 2013 للحد من موجات النزوح والهجرة غير الشرعية من مختلف دول الشرق الاوسط والشمال الافريقي، هذه العملية حسب مسؤولين ايطاليين قد ساهمت بإنقاذ حياة ارواح اكثر من مئة وخمسين الف مهاجر من هذه الدول، فهل ساهمت هذه الحملة بإنقاذ حياة هؤلاء المهاجرين، ام انها منعتهم من الوصول الى شاطئ الامان في رحلة البحث عن ملاذ يحمي انسانية وكرامة فقدوها في بلدانهم بسبب الحروب التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل .رنا كزكزوأنس خلف، مخرجا الفيلم، اتخذا من اسم هذه العملية عنوانا لفيلمهما المهم" ماريه نوستروم " فيلم قصير صادم، يعالج في 13 دقيقة، كم المعاناة واليأس الكبير الذي ينتاب المهاجرين، باتخاذه أنموذجاً معبراً عنهم، هو الاب " زياد بكري ، وابنته " زين خلف ".على جسر خشبي قصير يؤدي الى البحر يمشي الاب حاملا ابنته التي لا يتجاوز عمرها الخمس سنوات، ينظر الى البحر، طريق النجاة الوحيد للهروب الى حيث الامل كما يقال، لكن" ماريه نوستروم " تمنعه وان لم يقل الفيلم ذلك، لكن اختيار العنوان يأخذنا الى هذا التأويل ،يتأمل البحر، وبحركة مفاجئة يرمي بابنته في مياه البحر، ويبقى صامتا، احد الاشخاص ينتبه الى ذلك، ينادي عليه ، لكنه لا يستجيب فيقوم هذا الشخص بإنقاذ البنت وتسليمها لوالدها ضنا منه انها سقطت من يده. يعود بها الى حيث المكان الرث الذي يسكن فيه، يجفف شعرها، يطعمها، لكن لا يبدو عليه الندم، فحالة اليأس والنكوص ما زالت تنتابه، يعود ثانية الى ذات المكان، ينظر الى البحر الى حيث " ماريه نوستروم " تقف حائلا بينه وبين البر الذي يبتغي، أن يعاود الكرة محاولا رمي ابنته في البحر ثانية. لكن وبسبب تشبثها به، يسقط معها، وفي مشهد مؤثر نشاهد حجم المعاناة ، ومعنى ان يواجه الانسان الموت، يستطيع الاب الوصول الى العمود الخشبي الذي يربط الجسر بالبحر، وكذلك ابنته، التي يحتضنها بقوة ، مع ندم كبير. ما هو القرار الذي سيتخذه الاب، بعد ان شاهد ما عانته ابنته من صراع للبقاء على الحياة تحت مياه المتوسط ، وبعد ان عرف معنى هذه المعاناة بعد ان عاش لحظاتها بنفسه، هل سيعود الى حيث الحرب والموت المجاني اليومي ، هل سيواصل رحلته رغم وجود / ماريه نوستروم / .مخرجا الفيلم، نجحا في حبك حكايتهما ، ابتداء من اختيار العنوان / الدلالة / ومرورا بالاشتغال الجريء، خصوصا المشاهد المصورة تحت الماء ، التي بالتأكيد هزت مشاعر من شاهد الفيلم، صراع البنت الصغيرة للبقاء على الحياة ، دموعها الحقيقية ، حالة الاحباط التي نجح زياد بكري في تجسيدها ، والنتيجة هي خلق حالة الصدمة التي اراداها من وراء هذه الفلم القصير . أخيرا هل نجحت عملية ماريه نوستروم في كبح جماح الاف الهاربين من الموت، والفقر والعوز، الفارين من قسوة بلدانهم وناسهم عليهم ، بسبب فارق دين او طائفة او مذهب، بالتأكيد لا، حيث استبدلت بعملية اوسع أطلقها لاتحاد الأوروبي عبر دوله المتوسطية الأعضاء، تحت مسمى"تريتون" تقوم على تسيير دوريات عسكرية أمنية بحرية دائمة في البحرالمتوسط تستهدف الحد من موجات النزوح والهجرات الجماعية غيرالشرعية من الجنوب الإفريقي والشرق الأوسط باتجاه أوروبا، فهل ستنجح الاخيرة في ذلك، لا اعتقد، فمادام هنالك " ليل، حرب، عوز، فقر ، ظلم، حيف " سيبقى البحر طريق هروب لملاذ لا يرغب فيهم. جريدة الصباح العراقية