كاظم مرشد السلوم - I AM SLAVE فيلم عن العبودية في القرن الحادي والعشرين
بواسطة 2015-09-02 23:56:47

كاظم مرشد السلوم
لم تدخر الناشطة المدنية البريطانية " ميندي تازر " جهدا في توظيف محنتها الكبيرة التي عانتها ايام كانت عبدة سودانية ، على شكل كتاب يحكي معاناة الفتيات السودانيات اللواتي اختطفن للبيع كعبيد في القرن الحادي والعشرين .
العنوان
I AM SLAVE ، او انا عبدة ، يحيل المشاهد الى ثيمة الفيلم مباشرة ، ولا اعتقد ان ثمة عنوان ابلغ من هذا لمثل هكذا فيلم ، والسبب تلك الغرابة التي تنتابك وانت تتعرف على عمق مأساة بعض القرى السودانية التي تتعرض لهجمات منظمة القصد منها ، اختطاف بعض الشابات لإستغلالهن للعمل كعبيد وليس كخادمات ، لان الفرق كبير بين الاثنين . فالخادمة تتقاضى راتبا معلوما بينما العبدة ملك لسيدها ، ولو كان العنوان مأساة العبيد ، او اي عنوان اخر لكان قد ابتعد عن ثمية الفيلم الاساسية .
الحكاية
احدى قرى السودان المسالمة ، اناس بسطاء يعيشون مكتفين بما يجنونه من اراضيهم وما تدر عليهم ضروع حيواناتهم الأليفة ، في احدى الليالي تهجم عليهم عصابات تتاجر بالرقيق ، يخطفون بنت شيخ القرية "باه " الذي لا يستطيع ان ينقذ ابنته مايا من ايدي رجال العصابات ، فيأخذونها اسيرة الى المدينة ليعقد هو العزم على البحث عنها ، ليستمر بحثه ثمان سنين دون العثور عليها ، مشتغلا مختلف المهن في مدينة لا يعرفها ولا تعرفه ، رحلة مايا العبودية تأخذ ست سنين من عمرها ، في البداية في الخرطوم عن سيدة سودانية تعاملها كحيوان ، لكن مايا ، تعرف انها كانت اميرة في قريتها ، لذلك لا تطيع اوامر مستعبدتها بسهولة ،في احد المرات فتتعرض لتعذيب قاسي ، تتحمله املا بخلاصها ، بسبب عنادها ترسلها مستعبدتها الى لندن حيث تعيش اختها التي بحاجة هي الاخرى الى عبدة وليس خادمة ، هناك المعاملة افضل لكن شقيق مستعبدتها يحاول التحرش بها ، فترفض بشدة ، لتعاقب بحجز بغرفة مظلمة لمدة اسبوع كامل .
سائق المنزل بريطاني يتعاطف معا ويعتقد انها خادمة تتقاضى اجرا على عملها ، وحين يعرف حقيقية وضعها وعمق مأساتها ، يطلب منها الهرب ، كونه لا يستطيع مساعدتها بسبب ضيق حالته الاقتصادية .
ثمة شاب سوداني يمر من امام المنزل كل يوم ، تناديه مايا ، وتطلب مساعدته بعد ان تشرح له حقيقية وضعها ، فيقوم بمساعدتها في الهروب والتخلص من عبوديتها، والعودة الى قريتها حيث الاب "باه" ينتظرها بشوق كبير .
الفيلم ينتهي بكتابة على الشاشة السوداء تقول " ما زال في لندن اكثر من خمسة الاف امرأة ترضخ تحت نير العبودية دون معرفة الدولة بذلك " .
الاشتغال
يبدو ان المخرج جبرائيل رانج ، قد قرأ النص الادبي اولا بشكل جيد وتماهي مع الحالة ، لذلك جاء تحويله الى نص مرئي موفقا جدا ، بناء متكامل ومعبر للمكان ، القرية ، اختيار الممثلين بوجوه تحمل عمق المعاناة من طبيعة الحياة اولا ، وهجمات العصابات ثانية ، رغم ان الكثير من مشاهد الفيلم كانت داخلية ، الى ان تنوع اللقطات وخصصوا القريبة على وجه مايا ، كانت معبرة جدا ، واستطاعت من التحصل على تعاطف المشاهد مع الفتاة المخطوفة .
التعامل مع عناصر اللغة السينمائية في مثل هكذا موضوع ، يحتاج الى رسم باللون والاضاءة ، وتوظيف عالي للموسيقى لتكون مرافقة وداعمة للصورة وللحوار القليل جدا في الفيلم ، الصورة كانت الاكثر تأثيرا من الحوار ، وهذا ما اشتغل عليه المخرج جبرائيل ، كذلك وظف الصمت بشكل موفق ، في المشهد الذي تشاهد فيه مايا اباها متعلقا في سيارة النفايات التي يعمل عليها اثناء رحلة البحث عنها ، وتنادي عليه بقوة دون ان يسمعها ، وبانتقال الكاميرا من وجهة نظرها خارج زجاج البناية ، يكون الصمت هو المعبر من خلال حجب الزجاج لصوتها .
تأويل النص المرئي
النص هنا واضح لا يبدو انه يحتاج الى تأويل اول الامر ، لكن المشاهد ربما وبسبب شحنة العاطفة والتعاطف التي تجتاحه اثناء المشاهدة ، لا بد وان يذهب به التفكير والتساؤل ، هل يمكن ان تكون هناك عبودية في هذه الوقت ، ولماذا يمارس من قبل عوائل اسلامية ، يفترض فيها ان ترفض ذلك رفضا تاما "" كل العوائل التي تظهر في الفيلم هي عوائل مسلمة " ، اين هو الموقف من ذلك من قبل المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الانسان ، مع عديد الاحصائيات المتوفرة عنها ، خصوصا وان الفيلم كما ذكرنا يذكر في نهايته ان هناك اكثر من خمسة الاف فتاة مازلن يرزخن تحت نير العبودية في لندن وحدها .
ما الذي يمكن لدول مثل بريطانيا وغيرها ان تتخذ من قرارات ازاء ذلك. اين يمكن ان توجد مثل هكذا عبودية في غير بريطانيا ، كم من الحكايات ما زلت لم تكشف بعد .
كل هذا يمكن ان يتوارد الى ذهن المشاهد عن مشاهدته للفيلم .
الاداء
الممثلة يونا موساكو ، ادت دور" ميا " ببراعة تامة ، من اخلال استغلال تقاطيع وجهها المعبر جدا ، وعيناها السود الواسعتان المحملتان بشحنة الالم التي استمرت معها طوال الفيلم . باقي الممثلين كان اداؤهم عادي ربما بسبب بساطة الدور المناط بهم ، باستثناء الممثل اسحاق ديباكول الذي ادى دور الاب " باه "، حيث استطاع ومن خلال بسيط مشاهده ان يظهر شحنة الالم التي تنتاب اب مفجوع بابنته .

الصباح العراقية
شوهد المقال 2827 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك