كاظم مرشد السلوم - القناص الأميركي.. رواية الحدث من جانب واحد
بواسطة 2015-03-18 13:59:47

كاظم مرشد السلوم
لم تأت الانتقادات التي وجهت لفيلم المخرج كلينت ايستوود "القناص الأميركي" اعتباطا، خصوصا من قبل الكثير من الأميركيين، الفيلم الذي يحكي قصة القناص الأميركي الأشد فتكاً في التاريخ، طرح وجهة نظر أحادية، لما جرى من أحداث في العراق إبان تواجد القناص كريس كايل هناك، ولم يتطرق الفيلم إلى وجهة النظر الأخرى، وجهة نظر المواطن العراقي الذي كان ضحية لحرب لا إرادة له فيها، ليقتل هذا القناص وكما يتبجح بذلك 160 عراقيا، يصفهم بالوحوش.
الفيلم قد يختلف عن بقية الأفـلام الأميركية التي تقدم البطل الخـارق، لهدف سياسي معين، كـون قصـة الفيلم تعتمد على رواية القناص الحقيقي كريس كايل، ومن ثـم فإنـه بطـل موجود وحقيقي، وليس من صنع الخيال السينمائي كما أراد صانعو الفيلم، معتبرين أن ما قام به كريس كايل هو دفاع منطقي عن أفراد مجموعته من الجيش الأميركي الذي كان برفقتهم، وان هذا الأمر شكل له معاناة نفسيـة كبيرة، وهو عكس الواقع لأننا بالرجوع الى روايته، لا نجـده يعاني من مطاردة أرواح ضحايـاه بـقـدر ما نجده متبجحا، يفتخر بكـل ما فعـلـه.
الحكاية
في ولاية تكساس، هناك أب لطفلين يريد منهما أن يكونا أقوياءً وألا يترددا في ضرب من يتعرض لهما، أحد هذين الطفلين هو "كريس كايل" قام بدوره الممثل برادلي كوبر، المهـيأ نفسيا للعـنف، الفيلـم يستعرض تطـور غريزة العنف لديه/ مشاجرات مع الاولاد، تدربه على الرماية، تقريعه لأخيـه .
هذا السلوك العنيف بما يتضمنه من طاقة كبيرة، يدفع كريس للتطوع في البحرية الأميركية كمجال لتفريغ هذه الطاقة، الفيلم يسندها إلى مشاهدة كريس لتفجير برج التجارة وبعض الأحداث ضد مقرات السفارات الأميركية، اختبار المارينز، يؤهله للعمل كقناص مع قوات المارينز التي تقاتل في العراق، خصوصا ان والده سبق وان دربه على الرمي في مزرعتهما عندما كان يافعا، الواجبات التي يكلف بها هي حمايـة القطعـات التـي تداهـم بيـوت بعض العراقيين على الأرض، يقتـل بلا رحمـة، حتى عندما يعـود الى بلاده فـي إجـازة يستعجـل العـودة الـى ساحة المعركـة، حيث استساغ مهمة قتل المدنيين الذي يشكلون خطرا على قواته حسب رأيه، على الرغم من اعتراض زوجته على عودتـه غير المـبررة، إذ يحـق له عدم الالتحاق كـونه متطوعا وليس جنديا يؤدي خدمته العسكرية الإلزامية، كـل ذلك يؤكـد تنامـي غريـزة القتـل لديه، ليصل عـدد المدنيين الذين قتلهم إلى 160 شخصا .
تنتهي الحرب ويعود الى بلاده ليعمل بالتدريب في ميادين الرمي، ليقتل على يد جندي، يقال إنه مختل نفسيا، وربما يكون السبب غير هذا او أكبر منه.
جدل بشأن الفيلم
الكثير من الأميركيين لم يقتنعوا بالفيلم على الرغم من أنه حقق أرباحا عالية في شباك التذاكر، بلغت نحو 321 مليون دولار.
مخرج الأفلام الوثائقية مايكل مور قال عبر إحدى تغريداته: "قُتل عمي على يد أحد القناصين في الحرب العالمية الثانيـة، نحن نعلم أن القناصين جبنـاء لأنهـم سيطلقـون عليـك النـار مـن الخلف، القناصون ليسوا أبطالاً، وكونهم غزاة يجعل الأمر أسوأ.
المنتـقدون الآخرون جاء انتقادهـم بعد قـراءة السيرة الذاتيـة لكريس كايـل الـذي كتبها بعد تقاعـده مـن الجيش حيـث تبجح بالكـثير من الأمـور، منها قيامـه بقتل أكـثر من 30 لصاً أثناء إعصـار كاتريـنا، وضربـه لشابين حاولا سرقـة سيارتـه، لـذلك لـم يكن استقبالهم للفيلم بالجيد، اللجنة الأميركيـة العربيـة لمناهضة التمييز قالت إن "إصدار الفيلـم أدى إلـى زيـادة موجـة التهـديـدات ضد العرب والمسلمين فـي الولايـات المتحـدة".
اللجنة وغيرهـا اتهموا كلينت إيستوود بالربط غير الصادق للعراق بهجمات 11 أيلول، البعض اعتبر ان الفيلم يحتفي بثقافة الأسلحة وتعزيـز العشق الأعمى للجيش"، كذلك ان الفيلم وسمعة كايل مبنية على مجموعـة مـن انصاف الحقائق، والخرافـات والأكاذيب.
المؤيدون للفيلم كان لهم رأي مغاير، كون الفيلم يقدم معاناة الجنود الأميركيين الذي يعبرون المحيطات دفاعا عن الأمة الأميركية ودرء الخطر الذي يمكن أن يهددها أينما وجد.
معرفة الرأي الآخر
كان بإمكان المخرج كلينت ايستوود أن يأخذ وجهة نظر الطرف الآخر للحكاية، المواطـن العراقي، لاسيما أن الفيلم يعنيه، وضحايا القناص كريس كايل هـم مواطنون عراقيون، عبر طرح العديد من التساؤلات، رأيه في الحرب، الاحتلال، وغيرها، حتى لا يضطر ايستوود الى تبني وجهـة نـظر واحدة ويراهن عليها، فالحكاية أو القضية، أي قضيـة لا تكتمـل دون معرفـة وجهـة نظر طرفـي الحكايـة، الواقعـة، لكن كان لكلينت ايستوود - رأي آخر، أو انـه لا يريد أصلا معرفة الرأي الآخـر أو وجهة النظر الأخرى كونـه غير معني بها، حتى ولـو أثر ذلك فـي مصداقيـة حكاية الفيلم ودرجـة نجاحه.
الصباح العراقية
شوهد المقال 2154 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك