مولود مدي ـ "الشعب يريد" ، " الشعب يقرر"
بواسطة 2021-03-13 00:43:42

مولود مدي
ماهو الشعب؟ جماعة من الأفراد individus يتحدون ضد خطر خارجي يهدد الوطن، وكنتيجة، يتخلى هؤلاء الأفراد عن حقوقهم الأساسية وعن مصالحهم ليتفرغوا للدفاع عن الجماعة التي شكلوها، هذا يدفعهم لتطوير شعور يغذي الفرفارة الجماعية l'extase collective ويتم تجنيد الرموز التاريخية التي تدعم هذا الشعور، وعند دحر العدو وانتصار الجماعة، يفقد "الشعب" كمصطلح معناه ويتم تجاوزه، وتنحل الجماعة ليعود الأفراد الى الحالة السابقة ويظهر le conflit d'intérêt والصراع المادي بين الأفراد.
في وقت الحرب والعدوان الخارجي، مفهوم الشعب هو مفهوم ثوري، ولكن في وقت السلم، هو مفهوم تجنده الأنظمة الشمولية لتبرير التعسف والقمع، ولإظهار أن لا وجود لأي خلاف فكري ايديولوجي وانكار les inégalités sociales بين الجماعة التي تحكمها هذه الأنظمة.
الشعب peuple والمجتمع société يحملان معاني مختلفة جذريا عن بعضهما، اذا تم تحليل هذه المفاهيم وفق علم الاجتماع السياسي وفلسفة السياسة.
الأول يناسب حالة الextase والثورة وخلق روح التضحية، الثاني، حياة الأفراد فيما بينهم غير ممكنة الا من خلال احترام حقوقهم ومن خلال القانون الذي تطبقه أجهزة غير مشخصنة ( المؤسسات )، ومبدأ ( القانون فوق الجميع ) يعبر على أن الفرد فالمجتمع هو موضوع حق وقانون، كما أن مصالح الفرد ونزواته لا يمكن قمعها بل يتم اخذها بعين الاعتبار في تشريع القوانين.
هذا الاختلاف يبين بأن الاديولوجية الشعبوية، لا ترتاح لمفاهيم مثل ( الحريات الفردية، دولة الحق والقانون.. ) وحسب الهواري عدي ( أحسن من اشتغل على مفهوم الشعبوية في الجزائر )، فإن مفهوم الشعب لا معنى له في القانون العام le droit public، والثقافة السياسية التي ولدت النظام الجزائري ترتكز على فكرة (الشعبوية) التي لا مكان لها في حقل الاجتماع السياسي.
"الشعب" ليس واقعا اجتماعيا، ولا موضوع القانون العام، انه مفهوم ايديولوجي يظهر في ظروف تاريخية معينة، بينما المجتمع يتم تعريفه على أنه أفراد يطالبون بهوية مشتركة مع تطلعات معينة الخصومات بين هؤلاء عميقة لدرجة أن تعايشهم ممكن فقط إذا كان محميا بسيادة القانون في الفضاء العام الذي يتسم بالتنافس على les biens matériels et symboliques.
تؤدي الطبيعة الريعية للاقتصاد إلى تفاقم الخلاف بين الجزائريين في مجال السوق الذي يهيمن عليه منطق التوزيع لا الانتاج.
الدولارات التي تدخل البلاد بفضل المحروقات تتحول الى une masse monétaire من الدينارات تثير شهية الكل ( المضاربين، السياسيين..) للانقضاض على الحد الأقصى من الغنيمة، les rapports marchands هذه وعنف علاقات السوق الحالية التي تقصي ذوي الدخل المنخفض تنذر بظهور عنف اجتماعي، وغريزة بقاء، لا يكبح جماحهما الا الدين او التقاليد والاعراف، بينما في المجتمعات الأخرى، القانون هو صاحب اليد العليا.
شوهد المقال 344 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك