يزيد أڨدال ـ هل نحن امام فقاعة إسمها تكنولوجيا المعلومات والشركات الناشئة ؟
بواسطة 2021-02-18 02:26:54

يزيد أڨدال
في بيان مجلس الوزراء الأخير تم التركيز بشكل واضح على ميدان التكنولوجيا والشركات الناشئة كرافدين للإقتصاد الوطني للتخلص من التبعية للمحروقات ، الحديث جميل في حد ذاته لكن السؤال المطروح : هل التصور الذي تطرحه للحكومة لدور تكنولوجيا المعلومات في تطوير الإقتصاد خارج المحروقات تصور عميق وملم بالتفاصيل والمشاكل المتعلقة بالموضوع ؟ هل مفهوم الشركات الناشئة الذي تتحدث عنه الحكومة هو المفهوم المتعارف عليه عالميا ؟
إذا بدانا بالنقطة الأولى ، لا شك ان كل ما هو متعلق بالتكنولوجيا وتطوير البرمجيات والتوجهات نحو الذكاء الإصطناعي وأنترنت الأشياء امور يجب ان تولى بالإهتمام اللازم من قبل الدولة ، ويجب العمل سريعا على تجسيد التحول الرقمي سواء في المؤسسات الإقتصادية او الإدارات والمصالح الحكومية ، هذا الإتجاه في ذاته يستلزم خلق المناخ اللازم لبقاء الكفاءات الجزائرية التي تكونها الجامعة في البلد وعدم مغادرتها للجزائر وذلك من خلال تسهيل المحيط العام الأعمال والإستثمار، وإزالة العراقيل التي ترهق كاهل المستثمرين في هذا المجال خصوصا من الشباب، رايي ان الأولوية في هذا المجال كمرحلة اولى هو الخروج من التخلف الرقمي في جميع القطاعات والتخلص نسبيا من هيمنة الشركات الأجنبية على السوق الجزائري، وذلك من خلال رؤية واستراتيجية واضحة في هذا المجال ، لأن هذا المجال يدخل في إطار الأمن القومي للجزائر والتبعية المطلقة فيه تشكل خطرا على البلد ، الجانب الإيجابي ان الأمر متاح مع العدد الكبير للكفاءات الجزائرية في هذا المجال داخل وخارج الوطن ، يكفي توفير مجموعة من الشروط والظروف ليتم الإنطلاق في هذا الإتجاه، المرحلة الثانية الني تأتي هي استثمار الشركات والكفاءات الوطنية في التسويق لمنتجاتها الرقمية خارج الوطن، مع الأخذ بعين الإعتبار ان المنافسة دوليا شديدة وليست بالأمر الهين، والحديث ان هذا القطاع سبكون البديل عن المحروقات مبالغ فيه بشكل كبير ، سيتطلب الأمر وقتا وجهدا وتكوينا ومرافقة ، لذا وجب خفض سقف التوقعات في هذا المجال.
الحديث عن الذكاء الإصطناعي وانترنت الأشياء التي تعتبر من بين التوجهات الكبرى للتكنولوجيا حاليا شيئ جيد ، ولكن لا يجب تقديمه كشيئ اساسي ، لان الأولوية هو تصحيح الأوضاع الرقمية للبلد قبل الحديث عن توجهات مستقبلية ، رايي ان هذه المجالات يجب ان تدخل في إطار الشركات الناشئة التي هي النقطة الثانية التي اردت الحديث عنها ، بداية هناك لغط كبير حول مفهوم الشركات الناشئة Startup ، خصوصا مع الحديث عن التسهيلات الضريبية والتمويل البنكي لهاته الشركات ، ما اراه انه يوجد التباس بين الشركات الصغيرة في ميدان التكنولوجيا وتطوير البرمجات وبين الشركات الناشئة ، النوع الأول بالتاكيد يحتاج تسهيلات ضريبية وتمويلا ماليا لأن منتجاتها عموما معروفة وزبناؤها كذلك ، يكفيها مناخ اعمال مناسب واريحية مالية للتوظيف والتوسع لتستطيع خلق إضافة فعلية للميدان الرقمي للبلد وللإقتصاد الوطني ايضا ، وهذه الشركات هي التي تكلمت عنها في النقطة الأولى ولا علاقة لها بالشركات الناشئة.
الشركات الناشئة المتعارف عليها عالميا هي شركات تنشا من فكرة معينة اجل حل مشكلة او مشاكل يعاني منها المجتمع او جزء منه ، خاصية هذه الشركات ان نموذجها الإقتصادي business model الذي يعني بإختصار كيفية ربحها للمال والمنتوج الذي تبيعه بالضبط وطبيعة العملاء ، هذا النموذج لا يكون محددا منذ البداية وقظ يتغير عدة مرات حتى تجد الشركة النموذج الأمثل ، وقد تفشل الشركة في ذلك فتتجه إلى الإفلاس او الإنتقال إلى فكرة اخرى ، قد تستهلك الشركة شهورا او سنوات حتى تصل للمنتج النهائي الذي تعرضه لزبائنها ، وبالتالي فلا معنى للإمتيازات الضريبية طالما كانت الشركة في مرحلة البحث عن نموذج الأعمال ولم تبدا بعد تسويقها للمنتج، النقطة الأهم هي نقطة التمويل المالي ، سيكون خطا كبيرا من الدولة ان تمول هاته الشركات من المال العام ، لأن خطر فشل هاته الشركات عال جدا، وهذا عالميا وفي دول يوجد فيها محيط اعمال مناسب جدا، وتبلغ نسبة فشل الشركات الناشئة حدود 90% عالميا ، فلنتخيل بنوكا تتكبد خسائر بهذه النسبة ، صحيح ان الشركات التي تنجح قد تعوض الخسائر لكن لا اظن ان المال العام خصوصا في ظل ظروف إقتصادية صعبة بحتمل هذه المخاطرة ،، الأنسب ان تفتح هاته الشركات لراس المال الخاص الذي يستثمر في الشركات التي يراها قابلة للنجاح، وهذا ما يدفع اصحاب المشاريع ايضا إلى عدم الإتكال على المال العام الذي قد يغطي خسائرهم ويستسهلون بذلك الأمر, ونصبح في نسخة اخرى من ansej version startup ، ويجب ايضا العمل بجهد كبير في ميدان المرافقة والتوجيه من خلال الحاضنات ولكن بشكل حقيقي وليس بطريقة العتاوين البراقة والتلميع الإعلامي.
حتى لا اطيل اكثر ، العنوان الذي اخترته لهذه الخربشة نابع من خشيتي ان ما يتم التسويق له حاليا ورفع سقف التوقعات منه هو وهم كبير نابع من عدم إدراك الواقع عندنا ومحاولة استنساخ تجارب دول اخرى دون التعمق فيها وتوفير الأطر اللازمة لمجاراتها ، الماركيتينغ المبالغ فيه لهذا التوجه قد يعود بنتائج عكسية بعد سنوات قليلة عندما تبدا المشاريع في التعثر ويبدا الإعلام في التساؤل عما قيل انه إقتصاد ما بعد البترول والوثبة التكنولوجية إلى اخره من العناوين البراقة ، كنت افضل ان يتم دراسة الأمر بروية برؤية واضحة وخطة عمل دون التسويق المبالغ فيه والقرارات التي قد تكون متسرعة ، هنالك فرصة حقيقية للإقلاع في هذا المجال ولكن يجب اخذ الوقت اللازم واتباع الطريق الصحيح ... واتذكر هنا من استعجل شيئا قبل اوانه ... عوقب بحرمانه، السرعة مطلوبة ... لكن لا للتسرع.
ملاحظة :
مجموعة تساؤلات طرحتها منذ عام،. لا يزال الكثير منها صالحا للتساؤل والنقاش
شوهد المقال 210 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك