وجيدة حافي ـ ما ذنب الحُكومة إذا لم يتحرك الملك والرئيس
بواسطة 2021-01-20 02:27:24

وجيدة حافي
كل الشعوب العربية تُطالب بإسقاط حُكوماتها وتغيير وزرائها عند أي زلة أو خطأ بسبب فشلهم في تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، وتوفير الحياة السعيدة للمواطن العربي ، الموازنة بين إرتفاع الأسعار والضرائب وجيوبهم المنهكة والمتعبة ، وهذا صراحة منطق وطريقة تفكير تُبشر بالخير وتدل على درجة الوعي والديمقراطية التي وصلت إليها الشعوب العربية المستعبدة منذ الأزل ، فالفرد العربي أصبح مثقف وواعي وعلى علم بما يحدث في العالم ، وتأثير هذا على نفسه ودولته ووو، لكن ما أثار دهشتي وإستغرابي هو عدم مطالبة المواطن العربي بمختلف أجناسه وتوجهاته وثقافته برحيل هذا الذي نصب الحكومة ، وإختاره يوما ليكون مسؤولا عنه وعلى شؤونه ، نعم إني أتحدث عن الملك أو الرئيس المنتخب ، فكل الدول العربية تقريبا تنتهج نفس سياسة الحكم ، بمعنى نظاما ملكيا باسم الديمقراطية ، أصحاب القرار العربي يُورثون أبنائهم بعدهم ، ليضمنوا السلالة ويستحوذوا على الثروات وعقول الناس بشعارات وكلام عن الوطن والملك وووو، فالأردن قبل تولي الملك عبد الله دفة القيادة سبقه أجداده وأبوه الحسين ابن طلال رحمه الله، فمنذ 1999 وملك الأردن يقود السفينة ويُوجهها بقرارات تارة صائبة وأخرى خاطئة، أما صديقه في الضفة الأخرى من الخريطة العربية الملك محمد السادس ملك المغرب المبجل ، الثالث والعشرون في سلالة العلويين ، تمت مُبايعته سنة 1999 بعد وفاة والده الملك الحسن الثاني ، إذن طوال هذه الفترة الطويلة المغربيون ذاقوا طُعم الفرح والإستقرار تحت قيادة ملكهم ، كما عانوا وما زالوا يُعانون تحت نفس القيادة ، نفس الشيء في دول الخليج ونذكر منها البحرين ، الكويت ، قطر والسعودية ، تونس الخضراء بعد هروب زينها الذي حكمها لمدة قرر الإخوة هناك التداول على الحكم وإستعمال الديمقراطية كأداة لإنقاذ البلاد من شبح الإحتجاجات والمعارك السياسية ، وكان لهم ما تمنوا وتولت النهضة بقيادة المرزوقي الرئاسة ، حتى وصل السبسي صاحب العُمر العتي، وهاهم الآن مع تجربة جديدة تحت قيادة الرئيس قيس سعيد الذي يُعاني صُعوبات كبيرة وعلى كل المُستويات للرسي بتونس إلى بر الأمان.
في الجزائر الأمر لا يختلف كثيرا مع أن بلدي كان من بين الدول الأكثر ديمقراطية ، فمند الإستقلال التداول على الحكم صفة وسمة يتميز بها السياسيون الجزائريون ، فمن بن بلة إلى بومدين ،وصولا إلى الشاذلي بن جديد وبوضياف رحمه الله إلى علي كافي، اليامين زروال ، حتى جاء الرئيس السابق "عبد العزيز بوتفليقة" صاحب العشرين سنة حكم، وإنتهك القوانين وهو في كامل صحته العقلية والجسدية ، بعدها أكملت العصابة التي نشطت في فترة رئاسته المُهمة وإستغلت مرضه وعدم قُدرته، وعاثت في البلاد فسادا، وأرادت تمرير العهدة الخامسة والبقاء في سُدة الحُكم، فلماذا إذن لا نطالب بتغيير القائد ونمسح الموس في الحكومة ووزرائها المشتغلين تحت قيادة الرئيس ؟ هل هو ولف وحب وتعلق أم خوف ورهبة ؟ قد يكون حب وُرث أب عن جد، كما يحتمل الرأي الثاني الذي يقول أن الخوف والرهبة من الحاكم هو السبب وراء هذا الإنغلاق والتكتم ، فالملك والرئيس في الدول الاسلامية العربية خط أحمر لا يجب تجاوزه، شُكره ومدحه نعم ، ذمه والسُخط عليه من المحرمات السبع والكبائر ، صاحبه يتعرض للسجن والقتل وغيرها من العقوبات ، وما يحدث الآن كافي لفهم صيغة الحُكم وطريقة تفكير الحاكم العربي ، فالكرسي مُبجل وكنز علي بابا الذي يجب أن يبقى ملكه ولعائلته من بعده . فالأردنيون
غاضبون لأن الضرائب مرتفعة والمعيشة غالية، والأمن غير مستتب، لذا وقع اللوم والغضب على حكومة 'الرزاز " في الماضي ، والدور قادم على الجديدة بقيادة "بشر الخصاونة، خُصُوُصا مع الأوضاع والخطر الذي يُداهم الأُردن من كل النواحي، نفس الشيء يحدث مع جيراننا المغاربة، خاصة بعد التطبيع الغريب مع إسرائيل والمرفوض من كافة الشعب المغربي، فالقطرة فاضت على كأس سعد الدين العُثماني، الذي سيُصب كل غضب التطبيع عليه، لكن هل هذا هو الحل يا ترى ؟ شخصيا لا أراه حلا مناسبا ، فتعيين حكومة جديدة يُعتبر وقتا إضافيا فقط للدولة الأردنية ولكل الدُول العربية لترتيب البيت وتدارك الأمور مع الحلفاء والأعداء ،فبرغم الوفاء والولاء الذي تُكنه المملكة الهاشمية لأمريكا ورضا هته الأخيرة عنها إلا أنها إقتصاديا تُعاني ، وصندوق النقد الدولي كعادته إستغل هذه الثغرة وبدأ بإملاء شروطه على الملك والسيطرة على إقتصاد المملكة وتوجيهه ، وهذا ما خلق نوعا من اللإستقرار عند إخواننا هناك ، فترامب وغيره رجال غربيون لا تهمهم العروبة والإنتماء ، شعارهم المصلحة والربح، أما الملك الأردني فتصريحاته كما تحركاته غير واضحة ومتضاربة ، مرة يوافق على القبول بصفقة القرن وإنضمامه إلى المعسكر السني ، وأخرى يخرج علينا ويقول أن القضية الفلسطينية خط أحمر ، وتبقى التصريحات شيء والواقع شيء آخر ،فالكواليس السياسية لا يفقهها إلا السياسيون بين بعضهم البعض ، ولا تظنوا أن الصفقات تحدث بين الإقتصاديين والمستثمرين ، حتى الرؤساء والملوك لا يتوانون في إقامة مشاريع ضخمة لهم ولأولادهم ، فوائدها تعود إلى البنوك الخارجية والعالمية. كم تمنيت مرة أن يُقدم وزير وحتى رئيس من العرب على تقديم الإستقالة والخروج من الباب الواسع سُخطا وغضبا على سوء الأحوال مثلما يحدث في الدول الغربية ، لكن هيهات هذا يبقى مجرد حُلم ، فالمسؤول العربي لا يقبل بالفضيحة ودائما يتستر وراء من هو أقل منه منصبا ، إذا كان رئيسا يُقيل الوزير ، والوزير يتهم المستشارين وهكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فلكل مجتهد نصيب يا سادة والمسؤولية تكليف لا تشريف ، فما ذنب الحكومات إذ لم تستطيعوا أنتم أصحاب الحل والربط تغيير الأمور والسلام عليكم .
شوهد المقال 362 مرة
التعليقات (1 تعليقات سابقة):
- كما أن الوعي لدى أفراد المجتمعات البلدن العربية عال بدرجة لابأس بها لاكن الوعي الجماعى وهو الركن الأساسى فى اللعبة الديمقراطية مفقود مفقود الى درجة العداء وا لفجور .
قيل فى الزمن القديم الملوك على دين شعوبها -أما فى الزمن الدى نعيشه هو أن الشعوب على دين ملوكها - كل ما أصاب البلاد العربية من تخلف وجهل تتحمل الدولة العثمانية القسط الأكبر فيه أو منه حسب كل الأدواق -ولهدا لانحمل أوزار من سبقو الى حكامنا الحالين .كما أننا لم نبدأ العمل الجاد والشامل بعد .
أضف تعليقك