وجيدة حافي ـ مُستقبل التعليم في الجزائر بين التقليدي والحديث في زمن الكُورونا
بواسطة 2020-12-05 00:31:18

وجيدة حافي
المُنتسبون لقطاع التربية والتعليم أساتذة وإداريون يُطالبون السُلطات بوقف الدراسة لأجل مُحدد ، على الأقل حتى تنتهي هذه الفترة الحرجة التي تعرف تزايدا ملحوظا في عدد الإصابات، من الجهة الأُخرى الدولة ترفض هذا الطلب وتعتبره فكرة غير مُناسبة لمُستقبل أبنائنا، وبين هذا وذاك يبقى مُستقبل التعليم في الجزائر غامضا ومن السيئ للأسوء، فالكُورنا لم ولن تنتهي في غُضون السنوات القادمة، والإجراءات المعمول بها لحماية التلميذ والأُستاذ حسب الأساتذة غير مُجدية، لهذا هم يُطالبون الدولة بمنح كالأطباء، وهذا في نظري سيخلق نوعا من البلبلة والقيل والقال في هذه الظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد، فالبترول يتأٍرجح صعودا ونُزولا، المطالب كثيرة تتنوع بتنوع الفرد ، فهناك فئة عقود ما قبل التشغيل التي تنتظر وبأحر من الجمر ترسيمها في مناصب دائمة، البطالون كذلك يُناشدون الرئيس بتوفير مناصب عمل تحميهم وأهلهم الذُل والهوان، وخريجو المدارس العُليا في قلق وحيرة بسبب صُعوبة تشغيلهم في السنوات الأخيرة، لذا الأُمور صراحة لا تُبشر بالخير وتدعوا للقلق، وهذا ما يدعو إلى إتخاذ إجراءات سريعة لحماية الوطن وأبنائه من نتائج خطيرة، فالتعليم جُزء مُهم في حياة الفرد والمُجتمع، وضربه يعني القضاء على الدُول وتطورها، وهذا للأسف ما يعمل عليه الآخر ليلا نهارا، فهم يُريدون تجهيلنا وجعلنا تابعين لا متبوعين، فعلى ما يبدوا أن إغتيال عُلمائنا لم يكن في صالحهم لأنه لفت الأنظار إليهم، لذا صنعوا هذا الفيروس لتخفيض الكثافة السُكانية وللتحكم أكثر في الدُول التي تفتقر للتكنولوجيا والموارد البشرية، فنحن للأسف رغم البحبوحة المالية التي مررنا بها إلا أن أحدا من العصابة لم يُّفكر في تطوير التعليم وإعتماد الرقمنة، كل ما كان يُقال كان حبرا على ورق وكلاما للإستهلاك، والآن وجدنا أنفسنا في مُشكل كبير بسبب عدم توفرنا على إمكانيات بشرية وتقنية تسمح لنا بالإعتماد على التعليم عن طريق الإنترنت، فلا الأساتذة مؤهلون ولا الدولة نفسها مُستعدة لهذا، والضحية سيكُون التلميذ الذي إذا ما قدر الله وتوقفت الدراسة مرة أُخرى سيجد نفسه مُضطرا للرُضوخ للشارع والعادات السيئة.
فالكُورنا حتم على كل الدُول إعادة النظر في الأسلوب المعتمد في الدراسة، فالتعليم عن بُعد أصبح ضرورة قُصوى في هذا الظرف بالذات، لتجنب الإختلاط والإحتكاك ببعضنا البعض، ولما يُوفره من مزايا كبيرة إذا أُعطي حقه وأُهتم به جيدا، فهو لا يتطلب إلا تدفقا عاليا للإنترنت، حواسب وأجهزة ذكية للطرفين، ومنصة يشتغل عليها الأساتذة والتلاميذ، وبرامج قوية تُوفرها الدولة للمُعلم والمُتلقي، خُصوصا أن أغلبها ليس بالمجان، ويحتاج إشتراكات، لكن للأسف عُزوف الدولة عنه دليل على عدم قُدرتها على مُجابهته، فنحن نُعاني من تدفق ضعيف للإنترنت، وإنقطاعات مُتكررة بين الفينة والأخرى، أما في مناطق الظل والفقيرة فهو لا يصل لا ضعيفا ولا سريعا، كذلك عدم تحكم أساتذة اليوم في الإعلام الآلي رغم التربصات، وجهلهم بأحدث التطبيقات المُستعملة في العملية التعليمية الرقمية، إنقطاعات الكهرباء المُتكررة تُعقد من العملية وتجعلها مُستحيلة خصوصا في الشتاء والعواصف، نحن مازلنا في الألفية الثالثة نُحاول إيصال الغاز والكهرباء لبعض المناطق النائية. والمُشكل المطروح بشدة هو هل يُمكن الإستعاب من خلال الشاشة، فالحُضور في القسم ومُشاهدة الأستاذ والتفاعل شرط مُهم للفهم، ولكن عبر الشاشة في رأي المُتواضع سيكون تيهان وإنشغال، وعدم مُراقبة كما في القسم، فالأستاذ في هذه الحالة يحتاج لبذل جُهد كبير لتوظيف التعليم التفاعلي الذي يزيد إنتباه الطلبة وإشراكهم كمُساهمين لا كمُتلقين، وهذا يفرض عليه تحديد الوسائل التفاعلية لكل هدف، وينطبق نفس الأمر على عملية التقييم وإحتساب العلامات، ففي الإلكتروني يصعُب الأمر لتعذر عملية المُراقبة باستعمال نفس الأجهزة، العادات والتقاليد تلعب دورا مُهما في نجاحه أو فشله، فللأسف في بعض الدول العربية وحتى في الجزائر هناك من مازال يُحرم تعليم الأُنثى ويرفض ذهابها للمدرسة، فما بالك بالتعليم عن طريق الإنترنت، والتواصل مع الزملاء والأساتذة، في أولياء يرفضون هذه الطريقة لأنهم يعتبرونها ملهاة للتلميذ وليست وسيلة للتعلم، بعض الطلبة ليسوا مُهتمين بالفكرة ويعتبرونها مضيعة للوقت، لأنها تمنعهم من إستعمال وسائل التواصل الإجتماعي الأُخرى كالفايسبوك والإنستغرام، فقضاء كل الوقت مع الأُستاذ بالنسبة لبعض طلبتنا وتلامذتنا إنتحار بطيء، لذا يُفضلون التعليم التقليدي الذي يعتمد على ثلاثة أشياء المُعلم ،المُتعلم والمعلومة، الكتاب، لكن هذا لا يعني أنه هو الآخر لا يحتوي على سلبيات ك الإعتماد على الحفظ والإستظهار ، والتركيز على الجانب المعرفي للتلميذ وإلغاء الجوانب الأُخرى، إعتماده على المعلم يمنع توفُره في أي وقت، يعني لا يُمكن التعامل معه إلا في المكان التعليمي.
وبين التعليم التقليدي والحديث وجد العالم العربي كله نفسه في مأزق كبير، فمُستقبل التلاميذ أمامهم والكُورنا ورائهم، والأزمة الإقتصادية تُحاربهم وتُهددهم بإفلاس شامل، لذا يجب على الأمة العربية وضع اليد في اليد، لإيجاد حل سريع للأزمة التعليمية، ففي الإتحاد قُوة وحان الوقت لوضع كل الخلافات جانبا والإهتمام بالتعليم.
شوهد المقال 472 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك