محمد هناد ـ أهو استفتاء أم استهتار ؟
بواسطة 2020-11-01 00:28:45

د. محمد هناد
غدا، الفاتح من نوفمبر، سيجري الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد. ربط الاستفتاء بهذه الذكرى يوحي بما فعله الفيس في انتخابات ديسمبر 1991 حين خاطب الناس بهذا الكلام : «صوتك أمانة تحاسَب عليها يوم القيامة»!يعني انتخب الفيس وإلا كان مصيرك جهنم. واليوم، الخطاب هو «شارك في الاستفتاء وصوِّت بنعم وإلا أنت خائن للوطن»! هذا الربط يدل على إصرار نظام الحكم على البقاء رغم أنف الحراك ورغم كل المآسي التي تسبب فيها منذ الاستقلال. إنهم يريدون أن نبقى دائما ملتصقين بأول نوفمبر وكأن ساعة الجزائر بدأت مع هذا التاريخ وتوقفت عنده بينما هم يفعلون بنا ما شاءوا !
يدّعي المروجون لمشروع الدستور الجديد أنه إنما جاء ليستجيب لمطالب الحراك ؛ علما أن الحراك لم يدعُ أبدا إلى وضع دستور جديد بل اكتفى بالمطالبة بتطبيق المادتين 7 و 8 من الدستور الساري المفعول. والحال أن كلمة الحراك تعني عند أنصار «الجمهورية الجديدة» المزعومةأمرا آخر، أي ما يسمونه بـ «الحراك المبارك الأصيل» وليس الحراك هكذا من دون صفة، ويقصدون به ذلك الذي بفضله تمكنوا من طرد الجماعة القديمة واحتلال مكانها. بالنسبة إليهم، الحراك، كما يصفونه، انتهى باستقالة الرئيس المخلوع. في حين أن الحراك من دون وصف، بالعكس، يعني «يتنحاو ڤاع» !
من المحزن أن يجد المتتبع لتطور الأوضاع السياسية في الجزائر نفسه مضطرا إلى استعمال كلام سوقي وهو يرى الحكَّام الجدد يتصرفون تصرف الشواكر المعروف في زمن العصابة، مانعين كل صوت معارض للاستفتاء المزعوم بحيث لم نرَ في الحملة وعلى شاشات القنوات الوطنية إلا الأحزاب والتنظيمات التي شاركت في لقاء اللئام ذلك الذي شهدته القاعة البيضاوية في فبراير 2019 احتفاءً بنزول موالاها عند رغبتها بالترشح لعهدة خامسة.
نتمنى أن لا تنطلي الحيلة على الناخبين هذه المرة وهم يرون كيف انفرد نظام الحكم الحالي بالقرار، مستندا في ذلك – أكثر من أي وقت مضى – على القوة العسكرية وعلى غلق الساحة الإعلامية كما لم يحدث أبدا من قبل بحيث جعلها لا تسبِّح إلا بحمده. إضافة إلى غياب تام للمعارضة. النص الدستوري المقترَح نفسه ينطوي على مكيدة : كثرة مواده (225) تجعلك كلما استظهرت بمادة أُخرجت لك مادة مضادة تنفيها. يعني الريح في الشبك ! هذا، وأغلب الظن أن يعرف الدستور الجديد نفس المصير الذي عرفته الدساتير التي سبقته ؛ فبعد صخب مفتعل، سيدخل في سبات عميق، في انتظار دستور آخر جديد يزيحه من سريره.
تبّاً لنوفمبر هذا الذي شُرع التسلّط والعجز والفساد باسمه !
شوهد المقال 273 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك