عبد الجليل بن سليم ـ العنف ، مجتمع متخلف ، أفراد مقهورون
بواسطة 2020-07-08 05:43:34

د. عبد الجليل بن سليم
في عام 1848 حدثت ثورة في فرنسا أو كما يطلق عليها في كتب التاريخ ثورة فيفري 1848 هذه الثورة كان أحد موجات الثورة الفرنسية و هي إمتداد لثورات عرفتها كامل اوروبا تميزت ثورة 1848 إنشاء الجمهورية الفرنسية الثانية و طرحت مبدأ الحق في العمل و تنظيم العمالة لكن أهم شيء حدث في هذه الثورة هو العنف المفرط سواء كان عنف جسدي أو لفظي الصحف في ذلك الوقت كانت تتفنن في الشتم و السب الذي يتبعه عنف جسدي، كثرة قضايا العنف في أروقة المحاكمة الشيء الذي جعل أحد القضاة في بارسي يقول: المجتمع يصنع دائما المجرمين الذين يستحقهم.
الان يجب أن نتكلم على العنف في مجتمع متخلف يعيش قهرا، خاصة و نحن نعيش حراك شعبي لا أحد مسيطر عليه بسبب غياب عقد إجتماعي يضبط النشاط السياسي و غياب مشروع سياسي يلغي النظرة الذاتية عندما نحلل الحراك كل هدا يجعل من الحراك مجرد فلكلور سياسي نجد فيه أشخاص يعيشون مراهقة متأخرة على كبر سنهم، مما يجعل مستبقل الحراك في خطر حيث هناك إحتمال أن يحدث تمييع لحراك أو عنف لكي نغطي الفشل!
الإنسان المقهور يحاول رد اعتباره الذاتي وتحقيق كرامته عن طريق عدة آليات دفاعية، لكنها لا تفلح في التخفيف من توتره النفسي الذي يتراكم باستمرار، وإن هذا التوتر لا يفرغ إلا بالعنف. فعن طريق ممارسة العنف يتجنب المقهور إدانة ذاته الفاشلة من خلال توجيه عدوانيته إلى الخارج.
يعيش الإنسان المقهور توترا وجوديا عاما يجعله في حالة تعبئة دائمة استعدادا للصراع. فتجده لا يقوى على الحوار المنطقي والعقلاني بل يتدهور حواره إلى المهاترة والسب بسرعة، وقد يتحول الأمر إلى العنف المباشر نتيجة أتفه الاختلافات. إن العنف الذي يسود هو وليد وضعهم المأزقي الذي يضع الآخر في محل الخصم حيث لا مجال للحصول على الحق من خلال الحوار وإنما من خلال المعركة. الإنسان المقهور معرض للوقوع في التعصب والانجراف في موجات الفاشية ويشكل وقودها مع أن مصلحته هي بالضبط في مقاومتها والتصدي لها. العنف الفاشي والمتعصب لا يحمل سوى وهم الخلاص. إنه حل سحري وانتحاري .
إذا انتشر التوتر الوجودي anxiété existentielle في مجتمع ما فإنه يهدد بتفكيكه، لذلك فإن ديناميكية المجتمع تتحرك لإيجاد حل للعدوانية المتراكمة ولحفظ حد أدنى من التماسك، في كثير من الأحيان تشجع السلطات هذا التوجه لأنه يحول العنف بعيدًا عنها ليستمر استبدادها واستئثارها بمقدرات المجتمع، ويلبي هذا تطلع المقهورين وتعطشهم لمظاهر القوة، لذلك تراهم ينقادون وراء الزعيم الفاشي الذي يغذي فيهم مشاعر العظمة.
في رواية تراب الماس لكاتب أحمد مراد هناك عبارة تلخص العبث و العنف الذي نعيشه منذ فترة:
أظلم الأوقات في تاريخ الأمم هي الأوقات التي يؤمن فيها الإنسان بأن الشر هو الطريق الوحيد للخير. الكثير منا يعتقد أن بمجرد أنك تلجأ لعنف مهما كان فان هدا العنف هو السبيل الوحيد للوصول إلى نتيجة تخدم الحراك و قد تهدد النظام لكن العلم و العقل يقول ليس من الحكمة أن تعض كلب عضك . الحراك في أمس الحاجة إلى عقلانية و هدوء و تفكير ناضج يسمح لنا أن نتعامل مع نظام ليس له ما يخسر من جهة و من جهة أخرى كيف نتعامل مع نظام و نخرج باقل خسائر ! البديل الوحدي الذي يحقق هده المعادلة: فكرة العقد الإجتماعي .
شوهد المقال 327 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك