صحيفة الوطن الجزائري : رشيد زياني شريف ـ أين تلتقي الكورونا وجرائم العصابة الجزائرية ؟ رشيد زياني شريف ـ أين تلتقي الكورونا وجرائم العصابة الجزائرية ؟ ================================================================================ رشيد زياني شريف on 06:30 28.06.2020 د. رشيد زياني شريف أود التنبيه ابتداء أن الشبه ليس كما قد يعتقد الكثير، أو كما يبدو من عنوان هذه المقالة، وليس في هذه المقارنة لا تهجم ولا هجاء ولا تجني، مثلما سيتضح في هذه الورقة، رفعا لكل لبس أو غموض. بالنسبة للكورونا وانتشاره في الجزائر، شكك الكثير من المختصين، في أرقام الإصابات بهذا الفيروس، ودليلهم أن هذه الأعداد لا تعبر عن العدد الحقيقي، لسبب بسيط، وهو أن التحاليل لتشخيص المرض، لم تجر إلا على عدد جد صغير (عينة لم تتجاوز في بادئ الأمر 100، ثم توسعت لبعض الآلاف)؛ فعندما نجري 100 تحليلا، لا نحصل بالضرورة إلا على عدد صغير من الإصابات، ولا يمكن أن يشكل ذلك العدد الحقيقي للإصابات وسط المواطنين؛ فلو أجرينا 1000 تحليل مثلا لكان العد أكبر وإذا ارتفع عدد التحاليل إلى 500000 سيكون العدد أكبر بكثير، أي كلما ارتفع عدد التحاليل، ارتفع عدد الحالات المشخصة، ومن ثم لا يمكن اعتبار عدد الإصابة دقيق، إذا كان عدد التحاليل لتشخيص المرض جد محدود، فلا يعقل أن نقارن عدد الإصابات بين بلد يجري نصف مليون تحليل في اليوم، وبلد يجري بضعة مئات. وهنا نأتي إلى وجه الشبه مع عمليات التحقيق في جرائم عناصر العصابة، فعندما يذكرون جرائم آل سلال أو آل أويحيى وآل الهامل وغيرهم من الجزء المغضوب عليه من العصابة، واختلاسهم لأموال طائلة وعقارات يمكنها إيواء قرى بكاملها، وأراضي على مد البصر، لنا أن نلاحظ، أولا:هذه جرائم حقيقية بالفعل، لكنها لا تشكل سوى جزء ضئيل من مجموع الجرائم المالية المنهوبة من خزينة الشعب وقوت أبنائه، لأن الجزء الأكبر غير معلوم، أو لا يراد التنقيب عنه لأنه مرتبط بجهات لا تزال نافذة ولا يراد كشف تورطها، لأنها مسجلة بسماء أخرى وفي حسابات لا يمكن التوصل إليها، وثانيا، أن التحقيقات لا تشمل إلا عناصر وعائلات الجزء المغضوب عليه من العصابة، ولو تم مسح شامل (مثلما أشرنا في قضية توسيع نطاق التحاليل للكورونا)، وأجريت تحقيقات وفية وغير انتقائية (خراج نطاق تصفية الحسابات) على كل من ارتبط اسمه بالسلطة، وعمل في أجهزتها ووزاراتها وسفاراتها وشريكاتها، ناهيك عن كبار قيادات الجيش، لوجدنا أن جرائمهم لا تختلف عن الجرائم التي يستعرضونها اليوم لصد الأنظار عن جوهر أزمتنا السياسية، بل سنجد أن جرائم الماسكين بالسلطة اليوم، وجرائم ذويهم، أشد وأدهى. وهنا نصل إلى وجه التشابه المشار إليه في عنوان المقالة، لنرى أن الجرائم المالية المعلن عنها في هذه المحاكمات الاستعراضية، لا تعبر عن حقيقة وحجم الفساد العارم وسط دهاليز السلطة، تماما مثلما أن عدد حالات الكورونا المشخصة لا تعبر على العدد الحقيقي لانتشار الوباء، أي لا يشكل حجم الجرائم سوى قمة الجبل الجليدي، المتواري في 90% منه، بعيدا عن الأنظار والتحقيقات.