عثمان لحياني ـ أويحيى..بين الشيطان والوحش
بواسطة 2020-06-28 03:20:24

عثمان لحياني
بعد الشيطان تأتي السلطة ، لا ينافسهما في الوقاحة والخَبَث أحد ، وحده الشيطان يستطيع أن يقنع ضريرا بأن الخمر جائز للوضوء، ووحدها السلطة من تدفع بأويحيى الى المائدة أعزلا ومقيدا ، لتطعم الوحش (توصيف عام يطلق على الصحافة) المتضور جوعا، ثم تجلد الوحش الذي نهش ما أوتي له ووجد .
سقف الخطاب الأخلاقوي الجديد الذي تبنته الحكومة بشأن جنازة أويحيى، لا يعبر عن مسطرة أخلاق بالضرورة ، في أحسن الأحوال هو وخزة ضمير عابرة ومتأخرة عن الصورة المشوهة التي ظهرت بها الدولة (تعليق الوزير جاء بعد يومين من الحادثة) لأنه لو كانت الحكومة مهتمة فعلا بالأخلاق وبحرمة الجنائز وكرامة السجين الاستثنائي، لأمكن لها أن تدبر الجنازة بغمزة عين و حرارة بسيطة في هاتف رئيس التحرير لاغماض الكاميرا ، ولو كان للحكومة هذا الاحساس المرهف والشعور بالغ النبل لفكت القيد عن معصم السجين الاستثنائي ومنحته حق رمي التراب على شقيقه .
الحاضنة الحكومية هي التي صنعت هذا المشهد الكئيب وكسرت الزجاج فلم يعد للمرآة معنى ، لأن الحكومة المستمرة (الدولة) هي الأستاذ الأول في قلب القيم وصناعة الفساد والقبح والبهتان والكذب والشعوذة والتزوير والتزييف ، وهي المبهرة دائما في صناعة كل ما يتناقض مع الأخلاق بكل مستوياتها ، لذلك ليس جديرا بها أن تحاول تدريس مادة الأخلاق للصحافة ، فهي لا تملك حتى شهادة الابتدائي في ذلك .
ليست الصحافة من تستحق الادانة ، لأنها ليست المسؤولة عن صناعة التوحش، هي ضحية للتوحش الذي أسسته السلطة
وهي المسؤولة عنه ، أويحيى نفسه-وهو موضوع الأخلاق اليوم-حاول لسنوات وفي محطات مختلفة ومن منصات متعددة أن يقدم دروسا في الأخلاق للصحافة لكنه خاب ، لأن كراس الأخلاق عند الحكومة كان يشبه دفتر الصفقات ، وقيمة الاخلاق كانت تقاس بمسافة المديح.
علي العموم ،وصلت رسالة الوزير ، واضح أن الحكومة مازالت تجمع مزيدا من الذرائع لتحييد الصحافة وتكثيف الرقيب الذاتي ، ومهتمة بتوفير أقصى ما تستطيع ، ذاتيا أو موضوعيا ،،من المبررات للجم الاعلام في مرحلة انتقالية بالنسبة للنظام .

شوهد المقال 288 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك