العربي فرحاتي ـ اليأس من الوضع الميؤوس..واجب وطني
بواسطة 2020-06-28 03:00:16

د. العربي فرحاتي
لم يمر علي منذ أن بدأت اهتم بالسياسة أن أسدي رئيسا من رؤساء الجزائر نصحا - سرا او علانية - من نخب سياسية موالية أو معارضة من شخصيات وطنية في شكل انتقادات لسياسات أو مواقف تكون واضحة في انحرافها عن المسار الوطني والهوية..
فاستنصح واستجاب لهذه النصائح ..
والأرشيف الوطني يعج بها من حيث هي ممارسة اجتماعية للنصح والتناصح لها قيمة دينية واخلاقية عالية ..فكيف ينتصح ويستنصح وهو لا يثق في شعبه ولا علاقة له بشعبه ولا بهويته ومكوناته ولا يعير أي اهتمام بفقه المواطنة...وتأكدت كما تأكد كل معارض جاد.. شخص أو حزب .أو هيئة ..أو مؤسسة ..أو حركة. أن نظامنا بوصفه سلطة مهيمنة محتكرة ليس من المنتصحين ولا من المستنصحين ..ولا هو من المستعتبين ..بل إذا استنصح بغى وتجبر ..نظام بهيئاته وأشخاصه ميؤوس منه منذ مدة ولم يبق فيه أي أمل ..فهو بحكم عقيدته الاستبدادية الديكتاتورية عديم القابلية لسماع الناصحبن مهما علا ضجيجهم ..فلا يعرف إلا سياسة الهروب إلى الأمام..ولو ادى ذلك الى الفتن وخطر النزاع الوطني فكيف يستنصح أو يستعتب وهو لا يحترم شعبه ولا يولي اهتمام بحاجاته ولا بالامه .. غير أن جماعة " دوز دوز" بعد أن خابت آمالهم انتقدوا مخرجات "دوبل دوز " بل وهاجمها البعض منهم..بالغ بعضهم في إسداء النصح لرئيسهم الذي انتخبوه من أجل الجزائر الجديدة كما وعد بها ووعدوا هم بها..سواء نصائح السياسة اللغوية أو الدستورية أو التنظيمية الإدارية أو القيادية.. ويصرون على الاستمرار في إسداء النصح له عبر اللجان التي يشاركون فيها أو بالمراسلات أو عبر البلاطوهات لعله ينتصح ..فلا يستنصج ..بل فأجابهم في محطات عدة وأرسل لهم رسائل أن حكومته المنتقدة من أكفأ الحكومات.. وأن لجنة تعديل الدستور من أخلص اللجان ..وأن سياسته من أنجع السياسات..وأن ما يمارسه من استبدال للأشخاص هنا وهناك يتم عبر دراسات عميقة..وليست ارتجالية..وآخرها هي رسالة تعديل الحكومة الأخير الذي خيب آمالهم وتأكدوا أن نصائحهم بتقليص عددها ضرب عرض الحائط كما ضربت جل نصائحهم من قبل..حيث زاد من عددها..؟؟ ومع هذه الحقيقة الناصعة التي لا تترك مجالا للشك في اليأس من توبة هذا النظام كما قال عباسي مدني رحمة الله عليه أن هذا النظام ميؤوس منه.. ومن يعتقد أن الشيطان يمكن أن يتوب فإن هؤلاء لا يتوبون ..فجماعة " دوز دوز " مع أنهم صاروا هم أعلم منا بخباياه
..وإعلم منا بما يجعله لا ينتصح.. وأن استنصاحه أو استعتابه بات عبثي . وتأكد لهم أن من انتخبوه كان مخلصا للنظام الذي نشأ فيه وترعرع وتسلق ولا يحيد عنه..تراهم وكأنهم صاروا هم أيضا ميؤوس منهم .. فلا يكفون على الاصرار بإسداء النصيحة تلو النصيحة ..وما زالوا يأملون.
ويحملون الناس على آمال زائفة والانتظار الدائم الذي لا يأتي بما يعد أبدا ..وشعبهم يتألم ويتألم وهو يقولون "أعطيوه فرصة" يؤجلون يأس الشعب من هذا النظام الميؤوس منه..أعتقد أن اليأس من الميؤوس هو موقف سياسي ويأس ايجابي.. أكثر مما هو حالة نفسية تعلق بفقد الأمل والركون الأمر الواقع..موقف اليأس الايجابي هو الوعي بالحقيقة الذي يجعلنا أمام مسؤولية تغيير الميؤوس منه.. وأن مسؤولية الحراك عظيمة في تحمل مسؤولية هذا التغيير الجذري السلمي.. وأن المماطلة في تأجيل اليأس يكاد يكون من المحظور الوطني. إن لم نقل من المحظور الشرعي.. لأن الأمر جلل يتعلق بوضع الأمة أمام مسؤوليتها التاريخية ونقلها من حالة الانتظار الدائم.. ولهذا فمن حقنا أو من واجبنا لا أن نيأس من النظام الميؤوس منه فحسب ..بل أن نيأس من الذي لا ييأس من الميؤوس منه..الحراك مستمر .
شوهد المقال 290 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك