العربي فرحاتي ـ تخبط ..أم هي سياسة الملهيات
بواسطة 2020-06-10 02:12:21

د. العربي فرحاتي
أشعل "القايد" نار الفتنة حين تأكد أن الحراك استمر ضد مشروعه في إعادة انتاج البوتفليقية واستمرارها دستوريا.. أيقض الفتنة بمحاربته للراية ليظهر كأنه منحازا للوحدة الوطنية بوحدة " العلم"
..وهي تلهية للناس ومغامرة بعثت بأمراض التاريخ ومرضاه إلى الواجهة. فتجند من اصطف معه تحت ملهى "الباديسية النوفمبرية" ضد منطقة بكاملها حيث التهديد المباشر لوحدة الدولة الجزائرية.. وبعد ١٢ /١٢ وظهور مصطلح الجزائر الجديدة..ظهرت السلطة الجديدة القديمة وكأنها منحازة للائكية متجاوزة لمفهوم "المدنية " الجامع..ومغازلة المنطقة الأكثر ثورانا من جديد..حيث ظهر خطابها السياسي وسياساتها وكأنها في مسار تصحيحي لما يكون قد اعتبرته أخطاء القايد ومغامرة..فاستعانت ببعض الاستئصاليين وتوظيفهم في لعبة الألهاء والصراع الهامشي..وفي رأيي أن هذا هو الوجه اللائكي الحقيقي الدولة . فبالرجوع إلى مقاربة السلطة العسكرية الحاكمة منذ تأسيس الدولة الجزائرية للشأن "الديني" نجدها مقاربة لا ئكية حبث يوظف الدين كما لو أنه ضرورة مرحلية وليست تاريخية ولا عقدية سواء في التربية أو في السياسة او حتى في الشؤون الدينية..ومن ثمة فلا جديد في رايي في تصريحات لعرابة ..ولا أستبعد أن يغتر بعض الحراكيبن ممن انضوى تحت مسمى البديل الديمقراطي بهذا الملهى الجديد الذي بعثت به تصريحات لعرابة المضادة للإسلام وثبات عناصر الهوية بالمواطنة الحداثية والعلمانية..كما اغتر بعض الاسلاميين من قبل بخطاب الوحدة عبر محاربة الراية الثقافية..ولا أرى في ردود الأفعال الأولية تجاه صمت اللائكيين الحراكيين خاصة وانتقادهم لعدم ردهم على لعرابة إلا جزءا من هذا الالهاء..أعتقد أن النظام في تخبط شديد أمام مواجهة الازمات المتعددة بدون برنامج واضح
..وبدون قوى سياسية فاعلة تسنده وتحتضنه بعد تأكده من ضعف وعائه الانتخابي.. فاستعان بالحرس القديم (تحالف الراندو والافلان والاستئصاليين ) وهكذا تراوح خطابه بين استمالة الباديسيين بملهيات مناسبة.. واستمالة اللائكيين بملهيات مناسبة لعله يجد من خلالهم سند خارجي سيما فرنسي ..ولعله يثير من جهة اخرى مناقشات هامشية هنا وهناك ..وشكوك في هذا التيار أو ذاك.. وضبابية في هذا الموقف أو ذاك.. وبذلك يضرب عصفورين بحجرة.. حيث يوظف تخبطه في إثارة الملهيات الأيديولوجية واللغوية والثقافية..لتفريق الحراك - ما أمكن- الذي يبدو أنه أكثر تماسكا..
وتجذرا في شعبيته.. وسيكون كذلك في استئنافه من جديد كما يتوقع المراقبون بقوى شعبية مضافة..فأرى أن الميدان هو المحك لكل المواقف..وهو الرد على كل هذه الملهيات بدلا من التشكيك والانتظار للمواقف الفايسبوكية أو بالبيانات..فمن انسحب من اللائكيين من الحراك نحكم عليه بالانزلاق في الملهيات..كما انزلق من قبل داعمي مشروع الاستئناف السلطوي وتورطوا في ملهى ١٢ /١٢..على الحراك والحراكيبن الميدانيين أن ينتبهوا إلى خطورة المرحلة وهذه الملهيات في بداية استئناف المسيرات الشعبية السلمية بعد هذا التوقف الاضطراري..فلا مقياس للحراك كما أرى لتقييم المواقف إلا الحضور الفعلي في متن الحراك بغض النظر عن القناعات الايديولوجية ..ولا بملهيات النخب..فلا التلهية برشوة اللائكية الموجهة للائكيين ..ولا رشوة العربية الموجهة للمعربين ولا رشوة الأمازيغية الموجهة للامازيغيين..ولا رشوة الباديسية والنوفمبرية الموجهة للنوفمبريبن والباديسيبن..ولا مناورات مع الرهائن في السجون
..تؤثر على مسار النواة الصلبة والكتلة التغييرية من حيث هو مسار استكمال مشروع نوفمبر في بناء الدولة المدنية وتسليم السلطة للشعب..الحراك الشعبي بما يحمله من مبادئ راقية ومنهج سلمي هو البيت السياسي الأكثر اتساعا وسعة..يمكنه أن يأوي كل الجزائريين مهما كان تنوعهم ايديولوجي..وهو أكبر قوة سياسية جامعة لشتات الجزائريين قادرة على تفكيك مؤسسات الاستبداد السياسي وتغيير النظام ..وتأسيس نظام على اوسع قاعدة شعبية متينة متوافقة..فلنحافظ على استمراره وتوسيع كتلته الصلبة بالثبات على المسار ..فالنظام في تخبط وضعف شديد يتغذى من الملهيات..فلا نتلهى بملهياته التي يطلقها من حين لآخر ..وفق الله شعبنا لبناء دولة الشرعية والعدالة..اللهم ارفع عنا الوباء ..العربي
شوهد المقال 327 مرة
التعليقات (1 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك