العربي فرحاتي ـ حراك واحد ..وسلطة واحدة .وإن كذب الباديسيون والنوفمبريون..
بواسطة 2020-06-03 01:59:16

د. العربي فرحاتي
كنا نخمن في ظل "اللاشفافية" وبناء على مسار السلطة الانتخابي وسياساتها..أن السلطة ما بعد بوتفليقة تعمل على إفراز طبقة سياسية تعتمد عليها وتشكلها كبديل عن الحرس السياسي والثوري القديم ..بعد أن سقطت البوتفليقية ورجالاتها ونال الحرس القديم للسلطة (الارندي والافلان ) طعنا شعبيا ورفضا من الحراك بشعار "الراندو والافلان ديقاج"..وقد ركزت السلطة على شعار "الباديسية والنوفمبرية" لتجميع ما تشكل من تكتلات سياسية قريبة من السلطة كتكتل "عزم" وتكتل " السيادة للشعب"
..ومن جماعات "الحراك المبارك" المنسحبين من الحراك بأكذوبة "الحراك تغير " ومن بعض الاسلاميين الناقمين من اللائكيين ..ومن الجيش الذبابي العروبي الذي نشط في عهد خطاب الثكنات..ومن الأكاديميين أصحاب المبادرات التي لعبت داخل أجندة النظام..الخ..وتهيأت هذه الفسيفساء نفسيا للمشاركة في ما أسموه ب"الجزائر الجديدة" رغم ضبابية مفهوم "الباديسية والنوفمبرية" الذي غشي سياسة سلطة ما بعد ١٢ /١٢ والتي شاركوا في انتخابها وانتاجها بقوة..إلا أن السلطة بعد تنفيذ أجندتها الانتخابية واستعملت ما أمكن الفئات المذكورة كوعاء انتخابي..تبين لها ضعف الطبقة السياسية المأمولة وكشفت عن ضحالتها وعدم قدرتها في تجنيد الشارع المضاد للحراك ولا تجنيدهم الانتخابات ولا تجنيدهم لتزكية الحوار ولا الالتفاف حول تعديل الدستور ..ولم تسطع هي تسويق شرعيتها الناقصة في الخارج ..ومن ثمة فالاعتماد عليها كبديل عن الحرس القديم يعد مغامرة..بما في ذلك تشكيلات شبانية كحركة "عزم "المدعومة من أحد قادة الحزب الموصوف بالراديكالي..وقد روج لهذه الحركة وكأنه ناطقا رسميا لها ونادى الى "تكتل جبهة الرفض"..وكان الجميع ينتظر أن يعيد التاريخ نفسه وأن تكون "عزم " ومعها الكتلة الانتخابية الجديدة بديلا عن الراندو الذي كان قد أطر الانقلابيين وخلق من العدم يوم ذاك في التسعينيات بديلا لملء الفراغ الذي تركته جبهة التحرير بقيادة مهري رحمة الله عليه حين رفض المشاركة في مؤسسات الانقلاب..وبالتالي تكون "عزم "ومن حولها البديل السياسي المؤطر للجزائر الجديدة وتوخي نفس التجربة القديمة..ولو لم تتحصل على الاعتماد إلى اليوم ..رغم إبداء نيتها واستعدادها للمشاركة في السلطة الفعلية..ورغم اجتهاد كل الفسيفساء من روافد سياسية للسلطة ونخب بمناقشة مواد الدستور بحماس.. إلا أن قوة الحراك في التصدي لكل المناورات وعزل هذه الفسيفساء شعبيا..وصلابة الموقف السياسي وأصالته وثباته الذي لم تستطع له السلطة سبيلا بجميع المناورات بما في ذلك المناورة المزدوجة (الحراك المبارك/ والقمع ) أفشلت السلطة في خلق طبقة سياسية "قديرة وناضجة ومنسجمة" من هؤلاء جميعا ومن بعض الأحزاب سيما الإسلامية التي ألفت التكيف مع الأوضاع والخوض مع الخائضين تحت إغراء شعار "الباديسية "كما تكيفت مع دستور علماني (١٩٨٩ ) حين أفرغت عناوينها ومضامين برامجها السياسية وقوانينها الأساسية كلمة "اسلام" أو ما يدل عليها " ولم يعد بينها وبين اللائكين أية فروق في عهدات بوتفليقة وهي اليوم تصرخ لسماع صوتها لدى السلطة لعلها تغتنم بعض الغنائم من الريع الجديد..وأمام هذا الفشل عادت السلطة تبعث من جديد أركانها السياسيين (الارندي..والافلان) في إطار إعادة رسكلة النظام القديم ولو بحرسه القديم من أحزاب المولاة والاحزاب المتكيفة (الإسلامية وغيرها ) وما يمكن إدماجه كتزيين الواجهة بالجديد الشباني ..وأكدت للباديسيين على أنها سلطة مستمرة واحدة لا تتغير إلا من حيث الواجهة..فبعد تسريعها لوتيرة إعتقال نشطاء الحراك في ظل الحجر الصحي ها هي سرعت بأمر تجديد قيادة حزبيها العتيقين المنبوذين بعقد مؤتمرهما لتعويض رئسهما المسجون اويحي والمخلوع بوتفليقة .
ورسكلتها ..وبهذا قد اكتمل ترميم المشهد القديم ..حكومة قديمة برلمان قديم ..دستور قديم .افلان قديم ..
راندو قديم .ممارسات قديمة
ويبدو أن فئة عريضة من الباديسيين الذين كانوا قد قبلوا بكل سياسات "الذبح" مغتاضون من السلطة التي انتخبوها..وسوقوا لها على" أنها سلطة جديدة ثانية" .فكانوا يعتقدون أن يكون لهم نصيب في " الجزائر الجديدة " مقابل المساندة والتسويق
..ولكن السلطة استغلت غباءهم وربما طمعهم فطرحتهم بعد استعمالهم في سد الفراغات في كل محطات مواجة الحراك الشعبي؛مقابل كؤوس رشورة فارغة (وعود) وأضحوا كما لو أنهم رقما وكتلة من الأرقام مهملة..فيهم من اكتشف بأنه للاستعمال وأخذته العزة بالإثم ..
وفيهم من لم يكتشف بعد وضعيته.. لا أفهم كيف لأفراد وجماعات ونخب سياسية ودكاترة..دافعوا بقوة عن مسار السلطة ومشروعها في الاستمرارية ضمن الدستور ..وقبلوا كل أخطائها وخطيئاتها وسكاكينها " الذباحة" للباديسية نفسها واليوم يرفضون "السلخ" يرفضون مخرجات هذا المسار والوضعيات التي أفرزتها بشكل طبيعي انتخابات ١٢ / ١٢ وشاركوا فيها بقوة ووصل بهم الأمر تخوين من لم ينتخب ويشارك ..
الباديسيون توهموا أو أوهموهم أو ابتدعوا الوهم أن الحراك تغير بعد بوتفليقة..وصاروا يتحدثون عن حراك " أول " ما قبل سقوط بوتفليقة ..
وحراك "ثاني" ما بعد بوتفليقة..كما توهموا أن السلطة سلطتين(عصابة سقطت في الحراك الأول..وسلطة نوفمبرية أخلفتها وتأسست بمسار الاستمرارية عبر الدستور ..غير أن الشعب الناضج الذي لم يعد قابل للصبينة والطفلية- قبل الحراك وقبل السلطة - كشفهم وكشف غباءهم فغدا لا يلومون إلا أنفسهم إن كانوا من أهل النفس اللوامة .."فيداهم اوكتا وأفواههم نفخت" ..والتاريخ سيكتب عن غباء بعضهم وعن من أخذتهم العزة بالاثم منهم.. في أنهم ضلوا وأضلوا بوهمهم وأوهامهم ..
رغم أن السلطة وفرت الحجة لادانتهم ..وأكدت لهم لعشرات المرات أنها سلطة معسكرة بواجهة مدنية استبدادية احتكارية. وهي واحدة مستمرة هي سلطة ما قبل سقوط بوتفليقة وما بعد السقوط ..وما بعد ١٢ /١٢ ..وتستمر بإعادة رسكلة حرصها القديم (الافلان والراندو )
..وتبقى هكذا تستمر إلى سقوطها الحتمي.. لأنها رسكلت فاشلين منبوذين بسياسات فاشلة ..ولأنها تحمل فناءها كحالة متأزمة في ذاتها .. والحراك أكد لهم في كل مراحله أنه واحد ما قبل سقوط بوتفليقة وما بعده..الحراك
فكرة واحدة قوية لا يقبل باستبدال أشخاص بأشخاص ..ولا أحزاب بأحزاب ..حراك شعبي موحد الهدف مدني ثوري تغييري ثابت مع الزمن .ولم يتغير باسقاط الخامسة وجلب بعض عصاباتها إلى السجن.
.وهو مستمر حتى يتحقق استكمال مشروع نوفمبر وتسليم السلطة للشعب..هكذا بدأ..وهكذا سار وهكذا سيستمر ..وهكذا سينجز وعده مع التاريخ ويحقق حرية شعبه ..اللهم بسر لشعبنا الطريق وأبعد عنه الكذابين الأفاكين ..اللهم ارفع عنا الوباء .
شوهد المقال 204 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك