السعدي ناصر الدين ـ زروال
بواسطة 2020-05-23 03:47:45

السعدي ناصر الدين
في اليوم الثاني من زيارتي بجاية حيث اقضي كل عام جزء من عطلتي السنوية توجهت مع الاولاد الى تيشي وقضينا يوما رائعا..عدنا مساء الى بيت اختي المقيمة بهذه المدينة منذ 1966وجلسنا في الشرفة نناقش برنامج اليوم الموالي، فجأة سمعنا اعلانا على التلفزيون: "رئيس الجمهورية يخاطبكم".دخلت الصالون بسرعة لأتابع ما الخطْب خاصة وان الارهاب كان يملأ المشهد. ظهر الرئيس اليمين زروال مهموما مغموما يتحدث عن وضع البلاد تابعت باهتمام. كيف لا وقد انتخبته قبل ثلاث سنوات على امل ان يكون القاطرة التي تجر البلد الى بر الامان..ثم نزل قراره كالصاعقة.. قرار التخلي عن الحكم وتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة..فهمت ان صراع الامعاء في صائفة 1998 بلغ مداه. بمجرد نهاية الخطاب قررت انا ايضا العودة الى العاصمة وقطع عطلتي لاتابع واكتب عن حدث مهم جدا اعلاميا فقد كنت وقتها اشتغل لجريدة الاتحاد الصادرة في ابو ظبي ولمركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية الاماراتي وحتى ان كنت في عطلة وجب تغطية الحدث الكبير.. حدث الهروب الكبير الذي لا يشابهه هروب..هرب زروال من مواجهة الوضع ليشرف بعد شهور على انتخاب غاية في التزوير والاحتيال افرز رئيسا غاية في المجون البهتان..نعم هرب وسلم الحكم طوعا لبوتفليقة الذي خدم مصالح جماعات الجهل والجشع بحكمة وسيرها وروضها وجعلها في حظيرة واحده يضرب بعضها ببعض متى شاء. يرفع منها من يشاء ويذل من يشاء والكل في جهلهم غارقون.. خلال 20 عاما من التنكيل بالبلاد والعباد لم ينطق زروال لنصرة الحق وادانة السير بالجزائر الى الانهيار.. لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر لم يبرز " الرجلة" التي كان الكثيرون يصفونه بها لانه استقال من ثلاثة مناصب عليا..سكت وتوارى20 عاما في باتنة يلتقي مع اقرانه للكلام في اي شيء الا في مصلحة البلد وهموم البلد والظلم المستشري في البلد. لم يقل زروال شيئا حين اضطهدت العصابة في شكلها الموسع التي كانت تشمل قيادات كل مؤسسات الدولة بلا استثناء دستورا كان هو من بادر به ولم يقل شيئا وهو يرى الياس بلغ الذروة حتى صار شباب الجزائر يفضل المغامرة على قوارب الموت هربا من نظام الاذلال وتحول الآلاف منهم الى غذاء لاسماك المتوسط.. لم يظهر زروال وانطفأت رجلة زروال وصار مجرد متقاعد يأكل معاشهكما يفعل اي مسن انهى حياته وينتظر ساعته. مع كل هذا وجد له الناس الاعذار وكان مرشحا مفضلا للعب دور "ابن الشعب" بعد اندلاع الثورة السلمية ضد نظام بوتفليقة.. كان مقبولا لقيادة مرحلة انتقالية تحدث القطيعة مع البوتفليقية وترسم نهجا جديدا يستجيب لتطلعات الملايين..وكم كان فرح الكثيرين كبيرا في الجمعة الرابعة من الثورة السلمية في15 مارس 2019 حين علقت صورة عملاقة للرئيس زروال على عمارة في ديدوش مراد قبالة أودان ورفعت مجموعة من المتظاهرين صوره عند مدخل النفق الجامعي لان ذلك كان مؤشرا على وجود قوة في مكان ما داخل مؤسسات الدولة تساند الثورة السلمية والقطيعة مع العصابة وتؤيد بناء جزائر جديدة..جزائر كل الجزائريين..لكن تبين ان تلك كانت ربما مبادرة معزولة من شباب سمع عن نزاهة وزهد زروال فاراد ان يلفت اليه انتباه الناس في وقت حساس وسحبت الصورة من فوق العمارة واختفى من رفعوا صوره من الشارع بعد دقائق... رفض زروال اداء دور "ابن الشعب" فانتظر اسبوعين كي يلعب دور "ابن النظام" الملتزم بصراع الاجهزة فقدم شهادة لصالح عصبة clan ضد عصبة أخرى في سياق الصراع الداخلي للعصابة حول سرقة الثورة السلمية وتحريف مسارها بالتضييق والسجن واثارة النعرات والفتنة وغيرها من اساليب الغدر والبهتان لإعادة رسكلة النظام بوجوهه وذهنيته وأدواته وآلياته..
يبدو ان السيد اليمين زروال جد مرتاح اليوم .
شوهد المقال 583 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك