عبد الجليل بن سليم ـ سيكولوجية السخرية في مجتمع مقهور
بواسطة 2020-03-01 02:47:13

د. عبد الجليل بن سليم
رافع الناشط فوضيل بومالة أمام القاضي بطريقته الاكاديمية لكن هذه المرافعة كانت موضوع سخرية من طرف الكثير وصل الحد إلى فتح مجموعة خاصة على الفسبوك من أجل السخرية ! نعم السخرية شيء طبيعي و محبذ بل هي تفريغ إنفعالي لكن التفريغ الإنفعالي ما هو إلا ردة فعل لكن أن يتحول التفريغ الإنفعالي إلى موضوع و وسيلة لتكسير المقدس فهنا الغباء و المرض السلوكي.
المحلل النفسي البريطاني donald winnicott يقول بان السخرية المفرطة سببها أن الانسان غير قادر على تحمل المسؤولية إدا اعطت له فهو يستعمل السخرية كتصرف صبياني لكي يتهرب منها و هدا الانسان ليست له القابلية أن يقاوم الاشياء الجدية فتجده يهرب في أول إمتحان ، المحللة النفسية francoise dolto تقول بان السخرية المفرطة دليل على ضعف الصورة الذاتية image de soi التي كان سببها غياب تام لتقييم الدات estime de soi كلنا كان معنى زميل في المدرسة عندما كان يضربه المعلم كان كان هدا التلميذ يضحك ، هدى التلميذ يضحك لانه لم يعطي لنفسه قيمة بل يحاول أن يجذب الإنتباه باستعمال السخرية أي في نظر الاخرين تكونت صورة أن مادام يضحك فهو قوي بمافيه الكفاية .
و هدا بالضبط ماحدث أثناء الأزمة الامنية في التسعينات؛ كان الشعب يموت و التفزيون يبث الفكاهة و السخرية حصة مثل بلا حدود و أعصاب و اوتار. كنا نضحك في نفس الوقت كان الموت يحصد تكونت صورة رمزية لنا باننا أقوياء لكن مع الوقت اكتشفنا أن قوتنا مزيفة بل نحن ضعفاء و عندنا خوف مرضي لهدا نرى الان من يحاولون أن يفعلو كل شيء من أجل تدجين الحراك و جعله شيء لا قيمة له .
قبل الثورة الفرنسية الانتاج الادبي لم يكن يسخر من الشعب بل كان يسخر من الملوك ، حتى في الادب الأمريكي لا نجد أدب السخرية أثناء نضال الحقوق المدنية حتى المرافعة في المحاكم الثقافة الأمريكية لم تكن تسخر من المحكومين حتى و لو كانوا مجرمين المغني bob dylan في أغنيته The Lonesome Death of Hattie Carroll لم يسخر من القاتل الذي قتل الافرو-أمريكية Hattie Carroll بل سخر من القاضي و الصحافة الذين ارادو إيجاد مبرر للجريمة و حتى المغنية Joan Baez عندما غنت The Ballad of Sacco and Vanzetti التي تحكي محاكمة المهاجرين الايطاليين Sacco and Vanzetti التي كانت باطلة لم تسخر من لكنتهم الإيطالية بل سخرت من القضاء .
في الاخير : المجتمعات التي عاشت قهر و تخلف لا تستطيع أن تفرق بين السلوكات المختلفة فهي تضع كل السلوكات في سلة واحدة و تلجأ إلى السخرية لكي تبني لنفسها ثقة أنه تمكنت أن تقف في وجه قامعها لكن مع الوقت سوف تكتشف أنها كانت تكذب على نفسها و ستفضل الهروب باسم يوسف أحسن مثال.
شوهد المقال 492 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك