حميد بوحبيب ـ دائرة الطباشير الابتدائية : أبجد،هوز،حطي، كلمن... A.b.c.d.e.f.g...
بواسطة 2020-02-18 00:36:04

د. حميد بوحبيب
طلاسم اللغة ومفاتيحها ، منذ فجر ظهور المدرسة نتلقاها على أيديهم الهشة الناعمة ...
هم ...هم المعلمون ، شيوخا تاع ليكول...les instituteurs...
تصادفهم كل صباح في حافلات النقل العمومي والفورجونات البائسة ، يلتحقون بالمدارس في القرى والبوادي والأحياء الشعبية في المدن...يزاحمون الدنيا ويختلطون بالخضار وبائع الدواجن ، والإسكافي ...
ومن تمكن منهم من ادخار بعض دنانير منحة المردودية اللعينة ، تجده اشترى ماروتي أو آلطو يزحف بها عبر الدروب الوعرة ليلتحق بقاعة الدرس ليعلم البنات والبنين طلاسم اللغات ومفاتيحها ...
تجد الواحد منهم يشتري ملابسه من سوق الشيفون ، ولكنه يحرص على نظافتها ، ويبذل ما بوسعه ليبدو أنيقا أمام التلاميذ والمفتش والأولياء...
يوميا يتناول وجبته عند أقرب مطعم شعبي مقرف ، وأحيانا في مطعم المدرسة لمجة باردة .
هذا الشيخ ...غالبا يصير شيخا قبل الأوان ، وتتكالب عليه الأمراض من كل جهة ، ضغط، كوليسترول، سكري ...وفي الغالب أيضا يموت في السنوات الأولى بعد التقاعد .
هذا الشيخ المعلم ، يؤدي ادوار غيره في المنظومة ، فهو المراقب والمربي والمعلم والحارس والنفساني، يقضي الأطفال معه من الوقت أكثر مما يقضون مع أمهاتهم .
وحين ينجحون ويتفوقون ، يتباهى الأولياء بجهودهم الخاصة، ونادرا ما يعترفون له بالجميل ...أما حين يفشل الأولاد أو ينحرفون أو يصيرون دواعش، فكبش الفداء هو المعلم ..."هو المتخلف المتزمت الذي دمر عقول الصغار "!
هذا الشيخ الشيخ المعلم الذي ينزل إلى الشوارع في الحراك ، أو في مظاهرات خاصة بعالم التربية والتعليم ، لا يجد أمامه هراوة البوليس فقط ، بل أيضا صفحات الإعلام الخرائي لتحميله مسؤولية فشل المنظومة ...
هذا الشيخ الشيخ المعلم لا يحتاج منا التضامن فقط ، بل المساندة الفعلية في الميدان .
الشيخ هو شيخنا جميعا ، القاضي والمحامي والطبيب والإعلامي والوزير ...وحتى الشرطي والدركي الذي يلبي أوامر منظومة القمع بشراسة.
الشيخ شيخنا ، واللي ما عندو شيخ ماهو شيخ .
وبلا شيخ ، تبقى الأبجدية مجرد طلاسم وألغاز ، ونبقى نحن كركب عميان في الصحراء .
شوهد المقال 321 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك