ثامر رابح ناشف ـ سيكولوجية الشارع والمرحلة الثالثة لعصر الجماهير- الخصائص والتداعيات -

د. ثامر رابح ناشف
كإستمرار لما أتت به الورقتين السابقتين في الموضوع، وإذا سلمنا بالطرح السابق في مجمله فيمكن لنا ان نعرف في هذه الأونة (عصر الجماهير III) بأنه مرحلة جماهيرية تسعى الى تنظيم شؤون مجتمعها ودولتها من خلال التوجه نحو تأسيس مؤسسات سيادية تعكس التوجه الوجداني لهته الجماهير من خلال ترسباتها الفكرية والتاريخية بقيادة لا مركزية وجدانية تتسم "بالقيادة من خلال قيم" هذه القيم والتي تعززت في الوجدان التاريخي للأمة لتنتج أرضية جامعة وسلوك مشترك.
من هذا المنطلق يمكن ان "ندعي" أن (عصر الجماهيرIII) يتسم بالخصائص التالية:
1- قيادة ميدانية غير مركزية على الارض غير معروفة النواة
2- تتبنى الجماهير مفهوم القيادة من خلال القيم Character Leadership
3- يجمعها طابع وجداني من ترسبات تاريخية جامعة ينظم تحركاتها ويعزز لا مركزية القرار باعتبار الارتباط الوجداني.
4 - استعمال وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر اساسي للمعلومة وتقيمها و كوسيلة للتواصل داخليا وخارجيا مع اعتبارها وسيلة ضغط وتوجيه.
إذا سلمنا بأن المنطقة أو التوجه العام للمجتمعات يتجه نحو (عصر الجماهير III) فإننا سنلاحظ توجهات جديدة في المنطقة وفي العالم بإعتبار أن الوجدان المحلي سينتقل في المسائل الدولية الى الوجدان الانساني وذلك ما عبر عنه العلامة ابن باديس في مقولته المشهورة " إننا نحب الإنسانية ونعتبرها كلا، ونحب وطننا ونعتبره منها جزءا ونحب من يحب الإنسانية ويخدمها ونبغض من يبغضها ويظلمها" ان التوجه الانساني هذا لدى الجماهير سيطفوا ويتعزز لا محالة في ذلك خاصة مع توفر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تعدت الحدود ولم تترك مجالا لاحتكار المعلومة وتوجيهها.
ان هذا التوجه وان صدق حدسنا في ذلك سيؤدي الى تداعيات على المنطقة والعالم بشكل عام نذكر بعض اشاراتها هنا للافادة ونتوقف عن الخوض والتعليل في كينونتها اما لاعتبارات خصوصية الدول او لاعتبارات منهجية تستوجب التوقف عندها. ان التداعيات المترقبة يمكن ادراجها في مايلي:
1- تأسيس دولة محورية هامة في الجزائر مما ستساهم بشكل واضح في تعزيز امن الحوض البحر الابيض المتوسط وكل محاولة من جنوب اوربا لافشال ذلك يؤدي الى نقل الفوضى واعادة تصدير الاجرام عابر القرات الى عمقها!
2- اعادة هيكلة توجهات الدولة التونسية بما يخدم مصالحها والابتعاد عن التوجه الاحادي والذي تسعى اليه المؤسسات السيادية الحالية لانه سؤدي بها لقطع الحبل السري المرتبط بالجزائر والذي يسوقها للاختناق الحتمي.
3- ستعرف ليبيا استقرارا مع نهاية السنة بدون وجود لحفتر وبما يخدم التوجه الحالي والذي يسعى الى تحقيقه المبعوث الأممي في ليبيا.
4- ستتحرك الجماهير في الشقيقة المغربية مما يؤدي الى تبني المغرب النظام الملكي البريطاني حيث ان توازن منطقة الحوض الابيض المتوسط تعزز تواجد نظام ملكي في المنطقة ولو بالصيغة البريطانية.
اما المنطقة المشرقية فيمكن الاستشراف بالتالي:
1- ستظهر قوة صاعدة ناعمة في الشرق الاوسط تلعب دور فاعل في اعادة توازنات المنطقة. الدولة المعنية لها كل الامكانات لتفعل ذلك وستنتبه لذاتها للعب هذا الدور خلال الاشهر القادمة!
2- سيدخل حصار قطر عامه الثالث بعد رمضان من هذا العام وسيكون اخر عام حصار من الاشقاء، رغم ان هذا الحصار ما كان ليطول بهذا الشكل لو أن الهيئة الاستشارية والتي تستند لها المؤسسات القطرية ابتعدت عن لعب دور الحبلين من اجل اطالة الازمة لغرض تعيه قوى الظل فقط!
3- ستحاصر دبلوماسيا (عزل تاثيراتها) احد الدول الخليجية لتفقد توازنها بشكل كلي والعودة الى حجمها الطبيعي او ستتفكك!
4- ستعرف المملكة تغير جذري مع اعادة تعزيز نمطها القديم بشكل اكثر قبول في المنطقة من حيث خدمة التوجهات العامة.
5- سيعرف الصراع العربي الاسرائيلي توجه آخر نتيجة للتغيرات المرتقبة في المنطقة، مصر، والولايات المتحدة الامريكية حيث انه مرتقب تحرك الشارع هناك لاسقاط ادارة ترامب وما وراءها من منظومة اللوبيات حيث ستصبح مكشوفة اكثر.
اما في الاطار العالمي فيمكن التوقع بما يلي:
1- بداية سقوط نظام اللوبيات واعادة مراجعات جذرية من جراء ما تحدثه موجه (عصر الجماهير III ) في عدة مناطق.
2- التوجه الى احداث سلم عالمي في كثير من بؤر الصراع مما يؤدي بالتوجه العام من جديد نحو التسلح وتقسيم رقع النفوذ تحضيرا لحرب عالمية ثالثة "ففي السلم عادة نعد للحرب!"
3- اعادة النظر بشكل في منظومة الاقتصاد العالمي والمالية العالمية.
إن ما تم ذكره أعلاه في هذه الورقة هو محاولة لاستقراء القادم من اجل اعطاء صورة "لفخامة الشعب" عن اهمية هذه المرحلة وتداعياتها ليعمل بشكل جدي على العمل من اجل جعل له مكانة معتبرة تحت الشمس. وعليه وجب على فخامة الشعب مايلي:
1- الاسراع للدفع نحو تعزيز بناء مؤسسات الدولة والعودة للشرعية والأحتكام لمؤسسات الدولة والتي يجب ان تطهر.
2- وجوب الانخراط في المنظمات المدنية وترك مفهوم الاعتزال المجتمعي والمساهمة في ابعاد الرداءة عن الصدارة.
3- وجوب البقاء على الطاقة الاجابية للشارع من خلال الاستمرار في الحراك لكن من اجل الخدمة المجتمعية مثل تطوعات تنظيف المحيط، تنظيف الشواطيء صيانة المدارس والمساجد والمساحات العمومية وما الى ذلك.
4- الالتفاف حول ارضية اول نوفمبر وتعزيز الدولة النوفمبرية الباديسية حيث انها توجه وطني وانساني عام كما تم الاستشهاد باحد مقولات العلامة ابن باديس اعلاه.
بهذه الاسطر وبعد ازيد من ثلاث سنوات حيث تناولت فيه هذه الصفحة شتى المواضيع والتي سايرت التطورات الجزائرية مع بداية 2015 نكون قد وصلنا الى نهاية المطاف في الطرح لتلعب بعدها مؤسسات الدولة السيادية والتي عُطلت من طرف ابناء نطاف فرنسا خدمة لأسيادها دورها المنوط بها والذي أنشئت من أجله!
الله أعلم؛ بهذه الورقة تكون هذه الصفحة قد صدقت بما واعدت به قراءها حينما استعملت لفظ "صاحب الزناد والقلم" وانها لم تكن يوما تسوِق لمجرد بروباكندا رخيصة الثمن!
هذا والله من وراء القصد وهو يهدي سواء السبيل!
شكرا فخامة الشعب.
شكرا صاحب الزناد والقلم.
لا غالب الا الله وستبقى الجزائر المحروسة محروسة بإذن الله ثم بسواعد الأشاوس من طينة مصطفى بن بوالعيد واخوانه رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح جنانه
المجد والخلود لشهدائنا الابرار والى اللقاء..!.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شوهد المقال 515 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك