فريد بوشن ـ ما وراء منع المقاهي الأدبية بعاصمة الحماديين "بجاية"؟؟
بواسطة 2018-10-22 01:42:27

فريد بوشن
تتعرض الجمعيات الثقافية الناشطة بولاية بجاية, منذ سنوات, وبوجه الخصوص تلك الجمعيات المنضوية تحت لواء الدفاع عن الكلمة المكتوبة " دواوين شعرية, روايات, ونصوص أدبية ", ولوائح العمل الثقافي إلى قمع معنوي ونفساني, ناهيك عن تعرض أعضائها إلى المراقبة المستمرة من طرف أجهزة الأمن, بتهمة تهيئة التربة الخصبة لأعمال الشغب وتهديد أمن واستقرار المنطقة, وكأنه من شأن إلقاء محاضرة أدبية خارجة عن العرف السياسي وتوجيه التهم السياسية للمنظومة الحاكمة, تلقيح قلوب الجمهور الحاضر بعدوى كراهية السلطة والتحريض ضدها, اللهم هذه توقعات وتنبؤات مصالح الأمن التي يتم توجيهها بالتعليمات من فوق, يعني من أصحاب السلطة السياسية المتمركزة في دواليب الدولة, وهذه الأخيرة التي أصبحت تخشى حتى إنشاد أنشودة حول الحرية والديمقراطية, وهذا إن دل على شيء, فهو يدل على مدى هشاشة الثقافة السليمة المتحضرة لدى القائمين على زمام السلطة بالبلد, وهو وضع طبيعي بالنسبة إلى نظام بني على الخديعة الثورية والخبث السياسي.
إن تنشيط محاضرة أدبية في بجاية, عاصمة العلم والحضارة والتاريخ والسلام, يعد من الموبقات الكبرى لدى السلطة التي تحتمي وراء قوة الأمن وأحيانا تختفي وراء قوانين وهمية, لا هي مكتوبة في الدستور الذي لم يحترم يوما, ولا هي عادلة أحيانا أخرى, المهم أن ما يحدث حاليا في عدة بلديات الولاية على غرار أوقاس, سوق الاثنين, ملبو, شميني, وغيرها من منع غير قانوني في تنشيط مقاهي أدبية من أجل التعريف بالمستجدات الأدبية عبر ربوع الوطن, يعتبر وصمة عار على جبين هذه السلطة التي تحارب الثقافة وناسها ونخبتها, وهي التي ما تزال تحارب الحريات التعبيرية والفردية والجماعية والسياسية والإعلامية, لا لشيء سوى لجعل الساحة فارغة من ينابيع الحياة, فارغة من الحركة, عملا على شعار "السلطة تهوى الفراغ".
والحق أقول لكم, فبحكم تنقلاتي العديدة لتغطية هذه المقاهي الأدبية بعاصمة الحماديين, وقفت على مناظر تبعث البؤس الثقافي وتجعلك تستنجد بعلامات القيامة من أجل أن لا تكون حاضرا كشاهد على صور قمع هذه التظاهرات الثقافية دون أسباب منطقية, فقط لأن السلطات العمومية تخاف من حملة تثقيف الشعب وتحصينه, لذا فأين يكمن الخلل من إلقاء محاضرة ثقافية؟.
صحيح, خلال هذه السنوات الأخيرة, أصبحت مكتبات ومقرات الجمعيات أمكنة تعج بالمثقفين والأدباء والصحفيين وغيرهم, وقبلة لتغذية الثقافة وجمهورها, بعدما عجزت السياسة في ذلك, وأنا هنا لا أتهم السلطة بممارسة الجهوية في بجاية كونها من منطقة القبائل, لكن التهمة الصالحة لتوجيهها للقائمين على هذا النظام الشمولي, والذي يمارس الجهوية في كل الأشياء والأماكن والولايات دون استثناء, هي تهمة أن السلطة التي لم تصنعها إرادة الشعوب, هي سلطة بطبيعة الحال تهوى الفراغ والجهل والغموض الأدبي.
لهذا, عندما نجد سلطة ما تنبذ الثقافة, فاعلم أنها عازمة على إرسال شعبها نحو التطرف الديني أو الجهل الثقافي, بهدف حماية عرشها وديمومتها ولو على حساب قتل الثقافة.
شوهد المقال 1041 مرة
التعليقات (0 تعليقات سابقة):
أضف تعليقك